النبي صلى الله عليه وسلم مبتسما


بسم الله الرحمن الرحيم
النبي صلى الله عليه وسلم مبتسما
إعداد: فضيلة الشيخ/ محمد عبد الحكيم القاضي

في هذه المقالة المتواضعة نحاول التعرض لجانب من جوانب الحياة النبوية، قلما تعرض له الدارسون بالعناية، وقلما تناولوه بالبحث عن مضامينه التربوية، وقيمه التعليمية، باعتبار حياته صلى الله عليه وسلم كلها ميراثا تربويا لهذه الأمة، هذا الجانب هو جانب (ضحك النبي صلى الله عليه وسلم)، فلقد يصح للباحث أن يزعم أن هذا الجانب ليس مجرد (زاوية) في حياته صلوات الله عليه قصد منها الترفيه والتملح، وإنما تقود الدراسة المتأنية إلى أنه أحد شرايين التربية الإسلامية ، وعطاء من عطاءاتها المتنوعة.
البشاشة خلقه صلى الله عليه وسلم:
نعم، كانت البشاشة خلقه المميز، وطريقته المعروفة، وهو خلق لا يلصق بالقادة العظام في تاريخ البشرية، وذلك لما يعانونه من جسام الأمور، فيظهر علي ملامحهم الجد، وتبدو علي قسماتهم الصرامة، إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم-وأمره الذي بعث به ونافح عنه هو الجد الذي ليس بعده جد-قد وهب ملكة رحمانية تعينه علي مزاولة البشاشة- خلقا لا تصنعا-في كل أحواله، فهو في معمعة الحرب يري "أم أيمن" حاضنته، فيبش لها، ويبتسم في وجهها، ويقول جرير بن عبد الله البجلى:" ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت، ولا رآني إلا ضحك" وهذا هو الحارث بن جزء الزبيدى يقول:
" ما رأيت أحدًا أكثر تبسماً من رسول الله صلى الله عليه وسلم "
ومن ثمة فقد لا حظ أصحابه هذا النظام الذي انتظم حياته كلها، وهو أن الجد لا يؤدي به إلا العبوس والتقطيب، وكم من قائد أو كبير يحاول أن يصطنع العبوس، ويرسم فوق جبينه علامة الجد والخشونة إيماء بجسامة الأمور التي يعالجها، وهذا ليس دليل كمال ، وإنما هو-في حقيقته-آية علي عدم التوازن النفسي، ألا تري إلى جابر بن سمرة أحد الصحابة يصف رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله:" رأيت أطلق الناس وجها، وأحسنهم بشراً" وعائشة رضي الله عنها تقول:" كان رجلا من رجالكم، إلا أنه كان ضحاكا فلقد كان هذا الخلق لا يغيب عنه حتى مع أعدائه الذين يبغض أخلاقهم ، لأنه خلق طبيعي غير مصطنع؛ يدخل عليه الرجل من جفاة الأعراب، فيبتسم له، ويبش في وجهه، ثم يجلس فيمازحه وينبسط إليه- حسب تعبير عائشة رضي الله عنها كما في صحيح البخاري. مع أن تقويمه الحقيقي له هو أنه" بئس أخو العشيرة" وتتعجب من ذلك عائشة، وتكلمه في هذا الأمر ، فيجيبها النبي صلى الله عليه وسلم إجابة دالة علي سجية راسخة البناء في النفس النبوية المباركة، يقول لها:"يا عائشة، متي عهدتني فاحشا"
البسمة ونفسية الصديق:
والمتأمل لسياق بسمات النبي صلى الله عليه وسلم-الذي كان يسحن أن يضعها في مواضعها بحسن توفيق الله له- يظفر بنتيجة مهمة في هذا الصدد، وهي مقدار ما كانت تجلو هذه البسمات من نفسية أصحابه، فهي إحدى أوجه الترجمة الحية لقول الله تعالى:
(فبما رحمة من الله لنت لهم)
( / )
كان يبتسم إيناسا لأصحابه، وإزالة لوحشتهم في بعض المواقف التي تحتاج إلى إمام رفيق حان، يداوي لهفة الرجل-ولو بالابتسامة-ولعل في هذا الموقف شاهدا علي ذلك، إذ يروي جابر بن عبد الله أن رجلا جاءه صلى الله عليه و سلم وهو يخطب، فقال: يا رسول الله رأيت فيما يري النائم البارحة كأن عنقي ضربت، فسقط رأسي فاتبعته، ثم أعدته مكانه. فضحك النبي صلى الله عليه وسلم، وقال:
"إذا لعب الشيطان بأحدكم في منامه فلا يحدث به الناس"
إن الوحشة النفسية التي حدثت لهذا الصحابي مما رأى في منامه كانت تحتاج إلى هذا الدواء النبوي، وهو البسمة المحمدية-التي تزيل هذه الوحشة.
وابتسامة رسول الله صلى الله عليه وسلم-بالذات-جديرة بإزالة كل وحشة في نفس رجل- ليس لأنها ابتسامة القائد الحبيب الرءوف الرحيم وحسب-وإنما أيضاً لما اختصت به هذا البسمة من إشراق شعر به أصحابه، وسجلوه ونقلوه للناس، يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه:" ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان من أحسن الناس ثغرا".
أجل: كيف بابتسامة رجل يتلألأ وجهه تلألأ القمر ليلة البدر، وإذا تكلم رؤى كالنور يخرج من بين ثناياه؟ إنها البسمة الشفاء لا ريب، ولذلك استخدمها النبي صلى الله عليه وسلم تخفيفا عن أصحابه صلى الله عليه وسلم، وامتصاصا لغضبهم في أحيان كثيرة، و ها هو صلوات الله عليه يدركه أعرابي جاف وهو يمشى وعليه برد نجرانى غليظ الحاشية فيجبذه جبذة شديدة جعلت البرد تؤثر في صفحة عنقه، ثم يقول له: يا محمد، مر لي من مال الله الذي عندك ... وللقارئ هنا أن يتخيل مقدار ما كان للصحابة من غيظ وحنق لصنيع هذا الإعرابي برسول الله صلى الله عليه وسلم، وله أن يتخيل كم كان هذا الموقف يحتاج إلى تصرف موافق من رسول الله صلوات الله عليه ليلطف الجو المشحون بالتوتر، وهنا يبرز دور البسمة النبوية من الوجه المشرق الكريم، يقول أنس بن مالك- راوي الحديث:" فالتفت إليه النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ضحك ، ثم أمر له بعطاء"
قال النووي :"... وفيه كمال خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وحلمه وصفحه الجميل " وقال الحافظ ابن حجر:"... و ليتأسى به الولاه بعده في خلقه الجميل من الصفح والاغضاء والدفع بالتي هي أحسن". أرأيت لو لم تكن هذه البسمة ماذا كان يكون رد الفعل من الصحابة؟ إن مثل هذه المواقف تزيد من اليقين بقوله تعالى واصفا النبي صلى الله عليه وسلم:
(لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم)
(التوبة/ ) 
مثل هذا الملمح التربوي في اثر البسمة النبوية في نفسية أصحابه يلمحه الناظر في هذا المشهد مع خادمه أنس بن مالك، قال أنس:" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحسن الناس خلقا، فأرسلني يوما لحاجة فقلت: والله لا أذهب. وفي نفسي أن اذهب لما أمر به نبي الله صلى الله عليه وسلم. قال: فخرجت حتى أمر علي صبيان وهم يلعبون في السوق، فإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم قابض بقفاي من ورائي، فنظرت إليه- وهو يضحك- وقال: يا أنيس. اذهب حيث أمرتك.."
أن الابتسامة هذا عملية (تخفيف) مرافقه لتأديبه خادمه، وحمله علي اتباع التكليفات وعدم التهاون في أداء عمله، وهي تعني الجمع بين المتابعة والتوجيه، وبين الرفق في هذه العملية، ولا شك أن (أنسا) قد أثرت فيه هذه الابتسامة التي فوجئ بها حين التفت خلقه ينظر من الذي قبض بقفاه.. إنها أول شئ طالعة، وصاحبها اللوم الخفيف، والتوجيه الرفيق: يا أنيس. اذهب حيث أمرتك، ولا شك أنها تركت من الأثر النفسي الطيب ما جعله يختزنها في ذاكرته حتى يقصها علي الناس بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، معقبا علي ذلك بقوله:
"والله لقد خدمته سبع سنين-أو تسع سنين-ما علمت قال لشئ صنعت لم صنعته؟ ولا لشئ تركت: هلا فعلته؟"
الضحك شكر للنعمة:
وقد يتخذ (الضحك النبوي) مرمى أخر في إطار النهج التربوي ، وهو التعبير عن الشعور بالنعمة من الله تعالى، وكأنه الاستقبال الأولى والشكر المباشر لهذه النعمة، ولا شك أن السرور بالنعمة شكر مبدئي لها، ولم تكن نعمة من النعم- في حياة النبي الشخصية أجمل من براءة زوجه عائشة رضي الله عنها، والمتتبع لروايات الحادثة التي اشتهرت عند الإخباريين والمحدثين بحديث الإفك-يشعر بمدي الحزن الذي أصاب النبي صلى الله عليه وسلم من جراء تهجم هذا القبيح علي عرضه المبارك. و ها هي أم المؤمنين عائشة تروي هذا الطرف الذي تظهر فيه براءته، وما صاحبها من تعبير بالابتسام عن شكر الله علي هذه النعمة العظيمة، تقول"... حتى أنزل الله علي نبيه، وأخذه ما كان يأخذه من البرحاء عند الوحي ... فلما سرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يضحك، فكان أول كلمة تكلم بها أن قال: أبشري يا عائشة ، أما الله فقد برأك " قالت عائشة " فو الله الذي أكرمه وأنزل عليه الكتاب ما زال يضحك حتى إني لأنظر إلى نواجذه سرورا " . هذا السرور هو انشراحة الصدر للنعمة، وري الفؤاد بالفضل. والفرح لهذه النعم مشروع، يقول الله تعالى .
(قل بفضل الله وبنعمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون )
( / )
وإنما كان مشروعا، بل مطلوبا لأنه من باب الشكر الذي يقرب إلى الله، وليس من باب الفرح الذي بمعنى البطر والكبر المنهي عنه لأنه يصرف عن المنعم و إحسانه. وأمثلة هذا الفرح الذي عبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم بالضحك-كثيرة في مواقف النبي من أصحابه وما رزقهم الله من نعم ، وما فرج عنهم من غم، فقد ضحك حين قضى دين جابر ابن عبد الله، رضي الله عنهما، قال جابر في سياق القصة:"... فما تركت أحدا له علي أبي دين إلا قضيته، وفضل لي ثلاثة عشر وسقا، فذكرت له ذلك فضحك، وقال:" أنت أبا بكر وعمر فأخبرهما". إنه فرح بالنعمة وتحدث بها.
فإذا ما أتينا إلى النعم العامة التي تعم الأمة كلها وجدت فرحة أشد، وليس أدل علي ذلك من هذا المشهد الذي طبع ضمير الصحابة حين رأوه، وقد انفرجت أساريره، وهو يعاني أشد آلام المرض الذي مات فيه صلوات الله عليه بل اليوم الذي مات فيه جعلها أنس تاريخا، قال:" آخر نظرة نظرتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ كشف الستارة يوم الاثنين ". وإنما كان إشراقة وجهة وتهلله وتبسمه حين رأى أبا بكر رضي الله عنه يصلى بهم، قال الزهري عن أنس:"... حتى إذا كان يوم الاثنين، وهم صفوف في الصلاة، كشف رسول الله صلى الله عليه وسلم ستر الحجرة، فنظر إلينا وهو قائم؛ كأن وجهه ورقة مصحف، ثم تبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ضاحكاً".
قال النووي :" كأن وجهه ورقة مصحف: عبارة عن الجمال البارع وحسن البشرة وصفاء الوجه واستنارته... وسبب تبسمه صلى الله عليه وسلم فرحه بما أي من اجتماعهم علي الصلاة، واتباعهم لإمامهم وإقامتهم شريعته، واتفاق كلمتهم واجتماع قلوبهم، ولهذا استنار وجهه صلى الله عليه وسلم علي عادته إذا رأي أو سمع ما يسره يستنير وجهه"
الضحك وسيلة إيضاح:إلا أن العجب قد يأخذ البعض حين يعلمون أن ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قام- في كثير من الأحيان-بدور(وسيلة الإيضاح) بمفهومها التربوي الحديث. وذلك أنه صلى الله عليه وسلم يضحك، استدرار لسؤال أصحابه إياه : مم تضحك؟ فيجبيبهم علي هذا السؤال بما يريد أن يسديه إليهم من علم؛ قال سهل بن سعد رضي الله عنه:" كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم بالخندق فأخذ الكرزين (وهو الفأس) فحفر به، فصادف حجرا فضحك ، فقيل: ما يضحكك يا رسول الله ؟ قال:
" ضحكت من ناس يؤتي بهم من قبل المشرق في النكو ل(وهي القيود) يساقون إلى الجنة" ويعني بهم الأسري الذين يسلمون في الأسر، إلا ضحكه صلوات الله عليه هنا له أكثر من عطاء:
1-فهو مواكب لأعمال شاقة بدنيا ونفسيا : فخ\حفر الخندق حول المدينة أبان غزوة الأحزاب وما صاحبه من توتر في جو المدينة، عبر عنه القرآن نفسه بمنتهى الصدق في تصوير إذ قال : ( وإذ زاغت الأبصار ، وبلغت القلوب الحناجر ) ( / )
ومثل هذا الجو وما أضيف إليه من كبد جسدي في حفر الخندق حول المدينة كان يحتاج إلى هذه البسمة من النبي صلوات الله عليه لتخفف الأعباء، وتلطف الأجواء.
2-ثم هي-في آنيتها-جاءت مع ضربة فأس كشفت عن صعوبة في الحفر، إذ "صادف حجرا"، وهذا من شأنه أن يشعر الصحابة بمشقة الأمر، فيضيف إلى أعبائهم النفسية عبئا آخر، من هنا تكون البسمة تسلية من ناحية، وجذبا لانتباههم من واقع الحدث إلى أفق آخر.
3-وهي في الوقت نفسه شغل للفكر، وتحويل لدفة الاهتمام، ليس لمجرد ( التشاغل) وإنما هي (إحلال) حقيقي لشغل لحظي آخر، يفوت علي الشيطان اغتنام (عناء اللحظة) ليصنع بؤرة كنيبة في نفس المجاهد، بل يحول هذه (الفجوة)-التي يمكن أن تخترم من جراء العقبة التي لقيها الفأس-إلى(كوة) تضئ آفاق هذه النفس.
4-وإنما يتمثل (زيت) هذه الكوة ، الذي يضئ مصباحها، في إجابة النبي صلى الله عليه وسلم علي سؤالهم عن سبب ضحكه، وهو أنه ذكر نتيجة من نتائج النصر، وهو الأسر بل جعل هذه النتيجة مزدوجة لتعطي ثمار النصر المادي والمعنوي، النصر المادي بأسر العدو ، والنصر المعنوي يتحول هذا الكافر إلى الإسلام الذي يقوده إلى الجنة.
وللمتمثل أن يتمثل كيف يكون مقدار البشر الذي يسري في دماء المجاهدين وهم يستمعون إلى هذه الإجابة النبوية، التي كان مفتاحها (ابتسامة) شقت طريقها إلى الثغر الميمون في لحظة (عسرة).
ولنا مثال آخر لهذا النوع من الضحك، والأمثلة كثيرة، إلا أنه يلح علينا لما يحمل من عطاء جديد، فقد يضحك النبي صلى الله عليه وسلم ولا يسأله الصحب لماذا ضحك ؟ أولا ينتظر هو هذا السؤال، فيتبع ضحكه بقوله: (ألا تسألوني مم أضحك؟) إنه -إذن- الإصرار النبوي علي أن يكون هذا الضحك وسيلة إيضاح، ومنفذا مجسدا لما يريد إزجاءه إليهم من حكم وأحكام؛ قال مهيب الرومي الصحابي الجليل:
" بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد إذ ضحك. ثم قال: ألا تسألوني مم أضحك؟ قالوا: يا رسول الله ومم تضحك. ثم قال: 
"عجبت لأمر المؤمن، إن أمره كله خير؛ إن أصابته ما يحب حمد الله فكان له خير، وإن أصابه ما يكره فصبر كان له خير، وليس كل أحد أمره كله خير إلا المؤمن".
وهنا أيضا يجتمع لضحكه صلوات الله عليه جملة من المعاني التربوية-إلى جوار أنه وسيلة إيضاح حية لاستلهام السؤال -بل لطلب السؤال- الذي هو تهيئة طبيعية للذهن من أجل تلقى المعارف-فهو هنا يعطى نوعا من الإيناس والبشارة للمؤمنين علي هذه الغنيمة الميسورة، والمنحة الموفورة-التي لم تقدر لأحد إلا للمؤمن، وهي (شمول الخيرية) لكل أوقاته، ما اتسع منها وما ضاق. إن الضحك هنا استحثاث لدواعي التعلم، واستثارة لغرائز حب الاستطلاع في نفس الطالب، حتى إذا جاءه العلم أصاب نفسا مهيئة لاستقباله، وقلبا مستعدا لحفظه وفقهه. وهو لون من ألوان العطاء التربوي النبوي المبارك.
استمرار المنهج التعليمي النبوي:ولقد أدرك الصحابة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أهمية هذا المنحى التربوي، فوجدنا الكثيرين منهم يستملونه كما تلقوه من أستاذهم الكريم صلوات الله عليه، ورد ذلك عن عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وابن مسعود وغيرهم، نكتفي هنا بالإشارة إلى طريقة عبد الله بن مسعود، وهو يقص قصة آخر أهل الجنة دخولا الجنة، وقد قيل له بعد أن دخل الجنة: تمن. فيتمني ، فيقال: فإن لك ما تمنيت، وعشرة أضعاف الدنيا. فيستعظم الرجل هذا علي مقداره- وهو آخر أهل النار خروجا منها-فيقول: رب؛ أتسخر بي وأنت الملك؟ وهنا يضحك عبد الله بن مسعود، ثم يقول لأصحابه : ألا تسألوني مم أضحك؟ فقالوا: مم تضحك؟ قال: هكذا ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: "ألا تسألوني مم أضحك؟ فقال من ضحك ربي حين قال: أتستهزئ بي وأنت رب العالمين؟ فيقول: إني لا أستهزى بك ، ولكني علي ما أشاء قدير".
ونكتفي بايراده مثالا، وإنما للتعبير عما فيه من الفوائد موضع آخر، وبحسبنا أن نكون جلينا بعض (الحقائق التربوية) التي تكمن في هذا الجانب من ضحك النبي صلوات الله عليه وابتسامه، وكم من جانب من جوانب حياته ما يزال بكرا من حيث الدراسة التربوية، يحتاج إلى من يتنسم نفحاته، ويستقري آياته.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

----------------------
المصدر: منتدى طريق الحقيقة

المبشرون بالجنة ليسوا عشرة - للشيخ القاضي

قيم تربوية في حياة المبشرين بالجنة 

بقلم فضيلة الشيخ/ محمد عبد الحكيم القاضي (حفظه الله)


على رأس الصحابة، والأمة كلها، يذكر عشرة من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، جمعوا في جملتهم عناصر من الخير متعددة، وروافد من البر متنوعة، بحيث يصلح أن يكونوا معا نموذجًا لأمة فريدة متميزة. وقد أطلق على هؤلاء اسم "العشرة المبشرون بالجنة" وذلك للحديث الصحيح المشهور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الذى بشرهم بالجنة واحدًا واحدًا حين قال:
"أبو بكر فى الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة... الحديث"(1).
وقد شاع هذا الاسم حتى أصبح اصطلاحًا عند العامة والخاصة، وحسبنا أن يبدأ الإمام أحمد ابن حنبل مسنده الضخم في الحديث بذكر رواية "العشرة"، ويقصد العشرة المبشرين؛ لأن مصطلح العشرة أصبح ينطلق بداهة على هؤلاء العشرة، فهناك الذى يصنف "مسند العشرة" والذي يصنف "مناقب العشرة" وهم يعنون هؤلاء العشرة الصحابة المميزين على الأمة ببشارة النبي صلوات الله عليه صلى الله عليه وسلم إياهم.

مبشرون آخرون
وعلى الرغم مما في ذيوع هذا (المصطلح) من دلالات تاريخية وتربوية ينبغي أن يفرد لها بحث يستكشف أعماقها، أقول: على الرغم من ذلك فقد غطى ذيوعه على بعض الأحاديث المفردة الأخرى التي تصرح بالبشارة بالجنة لآخرين من الصحابة، لهم ميزات خلقية خاصة جعلتهم حقيقين بهذه البشارة.
ولو ذهبنا نعد هؤلاء المبشرين ومناقبهم، لأعيانا الاستقصاء، فلعل في الإشارة إلى بعضهم هنا إيحاءً بما كانوا عليه من عظيم البر، وكبير القدر، وإيماءً إلى بعض الدروس العملية من القدوة للكبير والصغير، والشيخ والشاب، والرجل والمرأة، والغني والفقير من أمتنا في ظروفها الحضارية المليئة بالتحدي والمجابهة.

أم المؤمنين خديجة
فتبرز السيدة خديجة بنت خويلد(2) رضي الله عنها أقدم أمهات المؤمنين، وأول الناس إسلامًا على الإطلاق(3)، ومثال الزوجة الصالحة الأنيسة الودود، التى تقف عند الشدائد موقف الساعد والظهير، قال لها النبى صلى الله عليه وسلم يوم حراء: "قد خشيت على نفسي" فأجابته بتأييد الوامق، وتأكيد الواثق: "كلا، فوالله لن يخزيك الله أبدًا؛ إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق"(4).
إن مواقف خديجة من الدعوة لتحتاج إليها كل مسلمة، خصوصًا صاحبات الشرف والمنصب والحظوة، والمثقفات، وأزواج الدعاة إلى الله تعالى؛ فهى مع زوجها النبي صلى الله عليه وسلم خطوة بخطوة، لا تراعيه وحده، وإنما تحمل هم الدعوة إلى الله في مراحلها وأفرادها ووسائلها، حتى كانت وفاتها سببا من أسباب طمع المشركين فى تشديد الأذى على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه، قال ابن إسحاق: "تتابعت على رسول الله صلى الله عليه وسلم المصائب بهلاك أبي طالب وخديجة، وكانت وزيرة صدق" ولم يكتم النبي صلوات الله عليه إحساسه بفقدها، إذ قال لعائشة رضي الله عنها: "لا والله ما بدلني الله خيرًا منها؛ آمنت بي إذ كفر الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله منها الولد"(5). وقال الذهبي: "ومناقبها جمة، وهي ممن كمل من النساء، كانت عاقلة جليلة دينة، مصونة، كريمة من أهل الجنة"(6).
ولقد كانت بشارتها بالجنة بشارة خاصة من رب العزة سبحانه، قال أبو هريرة رضي الله عنه: "أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال: هذه خديمة أتتك، معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب، فإذا هى أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومنى، وبشرها ببيت فى الجنة من قصب، لا صخب فيه ولا نصب(7).
والقصب، بفتحتين اللؤلؤ المجوف.

بلال بن رباح(8)
"بم سبقتني إلى الجنة؟ دخلت الجنة فسمعت خشخشتك بين يدي!"(9). قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال، وحاشا لبلال أن يسبق رسول الله إلى الجنة، ولكنها مواصلة البر بالنبي صلى الله عليه وسلم ، ومداومة الوفاء له، فهو يمشي بين يدي النبي في الجنة كما كان يمشي بين يديه في الدنيا، حفاظًا عليه وصونا لنفسه الشريفة من الأذى، قال الحافظ ابن حجر: "وكأنه أشار إلى بقاء بلال على ما كان عليه في حال حياته واستمراره على قرب منزلته، وفيه منقبة عظيمة لبلال"(10).
ووفاء بلال لرسول الله صلوات الله عليه يفوق الوصف، فضلا من وفائه لله ولدعوة الحق، التي كانت سببًا في شدة أذاه، حتي احتمل مالا يحتمله أحد، من التنكيل، والضرب، والتفنن في صنوف العذاب، قال محمد بن إسحاق: "... وكان صادق الإسلام، طاهر القلب، وكان أمية يخرجه إذا حميت الظهيرة، فيطرحه على ظهره في بطحاء مكة، ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على ظهره..."(11) قال عبد الله بن مسعود: "... وأما سائرهم (يعني باقي السابقين للإسلام) فآخذهم المشركون، وألبسوهم أدرع الحديد، ثم صهروهم في الشمس، فما منهم أحد إلا واتاهم على ما أرادوا إلا بلالا، فإنه هانت عليه نفسه في الله، وهان على قومه، فأعطوه الولدان (يعني: وهو مقيد يزحف) فجعلوا يطوفون به في شعاب مكة، وهو يقول: أحد أحد(12).
وقد أعتقه أبو بكر رضي الله عنه، كان لله وللإسلام أكثر وفاءً، فقد شهد بدرًا والمواقع، وفتح مكة، وأذن فوق الكعبة يوم الفتح، وكان عابدًا مجاهدًا، قال لأبي بكر الصديق رضي الله عنه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم : "إن كنت إنما اشتريتني لنفسك فأمسكني، وإن كنت إنما اشتريتني لله فدعني وعمل الله". ويبدو أن أبا بكر تركه للعبادة والجهاد في سبيل الله على اختلاف بين الروايات في ذلك.
نعم: كان بلال سيدًا، كما قال عمر بن الخطاب: "أبو بكر سيدنا، وأعتق سيدنا"، فالسيادة والنُّبل ليسا بالنسب، وإنما بالانتماء للشرف والمجد وعلو الدرجات، ومن ثم فقد أنصف الحافظ الذهبي حين أدرجه في "سير أعلام النبلاء"، وقال: "من السابقين الأولين الذين عذبوا في الله، شهد بدرًا، وشهد له النبي صلى الله عليه وسلم على التعيين بالجنة، وحديثه في الكتب"(13).

سعد بن معاذ(14)
وهو رجل الشدائد والمواقف والناصر في ساعات العسرة، عرف مصعب بن عمير والصحابة الإسلام في وجهه قبل أن يتكلم، لإشراقه وتسهله، وكان إسلامه فتحًا للإسلام ولقومه من الأوس، فأسلموا جمعيا، قال ابن هشام "قالوا: فوالله ما أمسى في دار بني عبد الأشهل رجل ولا امرأة إلا مسلمًا أو مسلمة"(15).
وأول ما تلمح في سيرة سعد رضي الله عنه في الإسلام، هو مدى إفادته من مكانته وموقفه الاجتماعي في توسيع إمكانات الدعوة، وتمديد عطاءاتها. وهو ملمح يحتاجه كل صاحب منصب، أو رئاسة، أو زعامة؛ ها هو ذا في إبان غزوة بدر، والنبي يريد اهتبال الفرصة ليشفي صدر المهاجرين من عدوهم من الكفار، الذي أخرجوهم من ديارهم وأموالهم لأنهم قالوا: ربنا الله.
وكان الأنصار قد بايعوا رسول الله في العقبة على منعه وحمايته في ديارهم، فلما عزم النبي صلوات الله عليه على الخروج استشارهم في جماعة من أصحابه ليتحسس ما عندهم، فتكلم المهاجرون فأحسنوا، إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استشارهم ثانية، فأدرك سعد بن معاذ بحسه الصادق، وذكائه الصافي أنه إنما يريد الأنصار، وهنا ينطق الوفاء والولاء والمسئولية الرفيعة على لسان سعد "يا رسول الله: كأنك تعرض بنا؛ لعلك تخشى أن تكون الأنصار ترى حقا علبها ألا ينصروك إلا في ديارهم، وإني أقول عن الأنصار وأجيب عنهم؛ فاظعن حيث شئت، وصل حبل من شئت، واقطع حبل من شئت، وخذ من أموالنا ما شئت، وأعطنا ما شئت، وما أخذت منا أحب إلينا مما تركت، فوالله لئن سرت حتى تبلغ البرك من غمدان لنسيرن معك، ووالله لئن استعرضت بنا هذا البحر خضناه معك"(16).

أخلاق السيادة وتبعاتها
إن الذي يهزك في هذه الكلمات الناطقة بالرجولة الحقة، والولاء الخالص، ليس هو النبض الحماسي الذي ينطوي على إيمان عميق، وتضحية صادقة فقط، وإنما هو أن سعد بن معاذ لم يفكر أن ينتظر حتى يستشير الأوس بله الأنصار جميعا ليرى ما رأيهم في هذه القضية المصيرية بالنسبة لهم، خصوصًا وأن بنود العهد مع النبي الكريم لا تشمل وجوب الدفاع عنه خارج حدود المدينة، وذلك أن منطق اللحظة فرض نفسه على سيد القوم، والعقل المؤمن هنا لا يرى من المروءة ومكارم الأخلاق أن يتبصر في حقوقه النظرية حول شمولية الدفاع أو محدوديته، وإنما يراها في حق المصطفى صلوات الله عليه واقعًا في تمديد العهد وتوسيع نطاق الدفاع عنه ومنعه، بفاعلية قوله تعالى: ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه {التوبة:120}.
وما كان قرارًا للسيد فهو قرار للقوم بطريق التبعية إن لم يكن بطريق الاتباع، وإلا ففيم السيادة؟
ومواقف سعد بن معاذ التي تتسم بعبقرية السيادة كثيرة، إلا أننا تجتزيء منها هذا الموقف الذي أثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو موقفه من يهود بني قريظة وحكمه عليهم(17)؛ وكان سعد رضي الله عنه يدعو الله. بعد جرحه في غزوة الخندق ألا يميته حتى يقر عينه من بني قريظة"(18). فلما كثرت خيانات اليهود لله ورسوله بالمدينة، وتقرر إنهاء جرائمهم وفسادهم، حاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا وعشرين ليلة حتى نزلوا على حكمه صلى الله عليه وسلم .
وهنا يقع اختيار القائد الملهم من ربه على النائب المناسب لإصدار الحكم، وهو سعد بن معاذ، وهو يعلم أن بني قريظة هم موالي الأوس عشيرة سعد رضي الله عنه، ومن ثَم فإن حكمه سيرضى عنه الأنصار خصوصًا الأوس ولن تستنكره اليهود. ثم هو يعرف من يكون سعد بن معاذ، الذي لا يحتاج إلى توصية إذا تعلق الأمر بنصرة الله رسوله.
وجاء سعد بن معاذ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمار والأوس من حوله يستحثونه أن يحسن إلى بني قريظة في حكمه لأنهم مواليهم، وهو صامت، فلما أكثروا عليه، قال: "لقد آن لسعد ألا تأخذه في الله لومة لائم". حتى بلغوا رسول الله، فأخبره أن القوم قد نزلوا على حكمه، قال سعد للأوس مستوثقًا: عليكم بذلك عهد الله وميثاقه أن الحكم فيهم لما حكمت؟ قالوا: نعم. قال سعد: فإني أحكم فهم أن تقتل الرجال، وتقسم الأموال، وتسبى الذراري والنساء(19). أقول: بخ بخ!! هكذا تكون السيادة، تلك السيادة التي تتجافى ساعة نداء الحق عن كل علائق التحالفات والمعاهدات المؤقتة، التي ينبغي أن تنتهي عند حلول ساعة (الصفر)، وهذا الدرس موجه خصيصًا للسادة في كل زمان، خصوصًا هذا الزمان الذي دأبوا فيه على احترام مواثيق وتعاهدات نبذها أطرافها، ومسحوا بها أحذيتهم، مع الأذى الشديد منهم لله ولرسوله وللمؤمنين. أفلا كان موقف سعد بن معاذ منارة رشد وسراج اهتداء؟
ولكي يتأكد الأوس والأنصار والمسلمون القادمون أيضًا أن حكم سعد لم يكن به شبهة إجحاف، أو ذرة هوى، ينطق الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم بقوله، مؤيدًا هذا الحكم: "لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع سماوات"(20).
من أجل هذا وكثير على شاكلته من سيرة هذا السيد الفقيه الواعي لم يكن مستغربًا أن يخبر النبي أصحابه ومن بعدهم أن عرش الرحمن قد اهتز لموت سعد بن معاذ، ولا هو مستغرب أن يرى القائد الكريم أصحابه يتعجبون لحلة الحرير الرقيق فيقول لهم: "أتعجبون من لين هذه؟ لمناديل سعد بن معاذ في الجنة خير منها وألين"(21).
وتبقى القيمنعم.. تذهب الرجال من حيث كونها لحومًا وعظامًا وجوارح، لكن يبقى الرجال أنفسهم باعتبارهم قيما ومبادئ وقيادات تربوية للأمة، وزادًا فكريا وحضاريًا لها في محنها وتحدياتها مع أعدائها،، ونبعًا فياضًا بالعطاء لها فى إدارة واقعها واستشراف مستقبلها.
وهذا هو جل ما قصدناه من وراء هذه الدراسة. والله من وراء القصد
إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد {ق:37}.

الهوامش

(1) أخرجه أحمد والترمذي وغيرهما:
المسند: 193/1
سنن الترمذي: كتاب المناقب، باب عبد الرحمن بن عوف ح3747.
(2) ترجمتها في: (أسد الغابة: 78/7، الإصابة: 281/4، سير أعلام النبلاء: 109/2، السمط الثمين للمحب الطبري ط- القيمة ص 33:55).
(3) قال ابن الأثير في أسد الغابة 78/7: "خديجة أول خلق الله أسلم، بإجماع المسلمين".
(4) الحديث رواه الجماعة:
وانظر: البخاري (كتاب بدء الوحي، باب كيف بدأ الوحي ح3)، ومسلم
(5) سيرة ابن هشام: 426/1 .
(6) سير أعلام النبلاء للذهبي: 1 - 109،110 .
(7) متفق عليه:
(8) ترجمته في: الطبقات: 174/3، الاستيعاب 178/1، الإصابة: 165/1، سير أعلام النبلاء: 347/1).
(9) البخاري ومسلم وغيرهما بألفاظ مختلفة.
(10) الفتح: 35/3 .
(11) سيرة ابن هشام ( دار الحديث : 262/1).
(12) حلية الأولياء أبي نعيم: 149/1 .
(13) سير أعلام النبلاء: 347/1 .
(14) ترجمته في:
(الطبقات: 67/3، أسد الغابة: /4 67،68، الإصابة: 87/3).
(15) سيرة ابن هشام: 43/2 .
(16) البداية والنهاية: 395/2 .
(17) الحديث حسن الإسناد:
وقد رواه أحمد في المسند 141/6 .
وراجع: سيرة ابن هشام 226/2، الإصابة 171/4 .
(18) ابن هشام: 226/2، المسند 141/6 .
الإصابة: 4-171.
(19) راجع الحاشية التالية.
(20) البخاري ومسلم وغيرهما.
(21) متفق عليه:

----------
المصدر: منتدى طريق الحقيقة