معنى يعارضه القرآن - فضيلة الشيخ محمد القاضي

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
فقد أهلنا شهر كريم، شهر الخير والبركات، شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، فهو شهر يضاعف الله فيه الحسنات، ويرفع الدرجات .. فطوبى لمن أردك فضل هذا الشهر، وخاب وخسر من أدرك رمضان ولم يغفر له. فنسأل الله تعالى أن يكتبنا مع المحسنين.
وروى البخاري في صحيحه من حديث عبد الله بن عباس قال: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، وكان جبريل يلقاه كل ليلة في رمضان يدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل أجود من الريح المرسلة. وروى أبو هريرة وفاطمة أن جبريل كان يعارضه القرآن.
فمع هذا المعنى "يعارضه القرآن" نستمع إلى شيخنا الكريم/ محمد عبد الحكيم القاضي.
(للتحميل اضغط هنا)
والله الهادي إلى سواء الصراط

لقاء فضيلة الشيخ محمد القاضي بقرية صفط الخمار (28-07-2011)

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
إنه لمن نعم الله تعالى علينا التي ربما لا يشعر بها كثير منا هي وجود علماء ربانيين ودعاة إلى طريق الحق وإلى الصراط المستقيم، حقًا _وربي_ إنها لمنة من الله تعالى، وفقدانها باب شر وهلاك على الأمم، بل وعلامة من علامات قيام الساعة، فنسأل المولى جل وعلا  أن يحفظ علينا علماء هذه الأمة وأن يبارك فيهم وأن ينفعنا بعلمهم.
ومن بين أؤلئك العلماء الأفاضل، شيخنا الحبيب/ محمد عبد الحكيم القاضي _رفع الله قدره_ والذي افتقدنا وجوده بيننا لأعوام عديدة، وها هو يعود إلى بلادنا محملاً بما فاض الله عليه من واسع علمه وأدبه وحلمه.
وحتى لا أطيل عليكم الحديث، فإليكم محاضرة أكثر من رائعة ألقاها فضيلة الشيخ بمسجد الجمعية الشرعية بقرية صفط الخمار بحافظة المنيا، والتي هي بعنوان (فاستبقوا الخيرات ، أو مواسم الخيرات).
يمكنكم تحمليها من هنا (اضغط هنا فضلاً).
أسأل الله تعالى أن يجزيني ومن سمع أو نقل هذه المحاضرة خير الجزاء، هو ولي ذلك والقادر عليه.
والحمد لله رب العالمين

فضيلة الشيخ محمد عبد الحكيم القاضي - سيرة ذاتية

بسم الله الرحمن الرحيم 
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وعلى صحابته الغر الميامين، ومن سار على نهجه واقتفى أثره إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا كثيرًا. 
ثم أما بعد، 
إنه لشرف كبير، وفخر عظيم أن أضع في مدونتي المتواضعة، سيرة ذاتية لعالم جليل، وشيخ مبجل، وأب فاضل، وريحانة الرياحين، وزهرة المحبين، إنه فضيلة الشيخ الكريم، علامة عصره وزمانه، فضيلة الشيخ/ محمد عبد الحكيم القاضي _حفظه الله تعالى ورعاه_ ، فهو الذي إذا ذكرت سيرته أمام العالم والجاهل والكبير والصغير والشاب والكهل والرجل والمرأة ... لم أر أحدًا اختلف على حبه، فالكل يكن له كل الاحترام والتقدير، وهذه من نعم الله تعالى التي قلما تتوفر في شخص ما.. 
أسأل الله تعالى أن يحفظه ويرعاه، وأن يبارك بعمره وعلمه، وأن ينفعنا بعلمه (آمين).
اقتطفت هذه الكلمات من سؤال أحد الأخوة للشيخ، فأتترككم مع كلام الشيخ عن نفسه، ولعلنا ندرج المزيد إن شاء الله تعالى وقدر 
بطاقة تعارف:

الإسم : محمد عبد الحكيم القاضي

الكنية : أبو عبدالله

تاريــخ الميلاد : 22 /4 / 1953 م في مصر ، وموجود حالياً بالسعودية (رجع الشيخ بحمد لله إلى دياره بمصر) .


* مناصب تقلدها :

عضو مجلس إدارة مركز المخطوطات وتحقيق التراث بجامعة المنيا - مصر .

موجه بالتربية والتعليم بالمنيا

* أهم الأنشطة العلمية :

بعض المؤلفات سيأتي ذكر بعضها .

مشاركة في الدعوة الإسلامية عن طريق الخطابة والدروس العلمية بالمساجد والجمعيات.

مشاركة في الندوات والمؤتمرات العلمية الأدبية واللغوية والحضارية والشرعية .

نشر بحوث ومقالات وقصائد في مجلات عربية .


* المؤلفات:

نكتفي بذكر بعضها ، وهي :

1. اللباس والزينة من السنة المطهرة : عرض شامل لأحكام اللباس والزينة من القرآن والسنة وأقوال أئمة السلف ، وملحق به صور لمعظم الملابس المستخدمة في عصر النبي صلى الله عليه وسلم طبع بدار الحديث بالقاهرة - في 800 صفحة .

2. موسوعة الفقه والعلوم الإسلامية . 10 مجلدات(مراجعة د. السعدي فرهود رحمه الله) نشر بالمكتب الثقافي بأخبار اليوم .

3. محنة ابن تيمية يرويها بنفسه يوما بيوم : تحت الطبع .

4. بر الوالدين للطرطوشي : (تحقيق) نشر مؤسسة الكتب الثقافية بيروت .

5. العواصم من القواصم لابن العربي (النسخة الكاملة وليس الجزء المشهور وهو لا يتجاوز ربع الكتاب) : تحت الطبع .

6. دور أصحاب الحديث في صياغة عقيدة السلف . للطبع بدار الصميعي بالرياض .

7. صفة النفاق وذم المنافقين للفريابي شيخ البخاري . نشر بدار الحديث بالقاهرة .

8. فضل علم السلف على الخلف . دار الحديث بالقاهرة ، ثم دار حراء بالمنيا مصر .

9. موسوعة الصحاح الستة الميسرة : ( اختصار للكتب الستة في الحديث الشريف مع شرح لمفرداتها ) :
( صحيح البخاري - صحيح مسلم - سنن أبي داود - سنن الترمذي - سنن النسائي - سنن ابن ماجة ) . تحت الطبع بدار الكتاب المصري اللبناني .

10. الفتوى في الإسلام للقاسمي تحقيق . نشر بدار الكتب العلمية - بيروت .

11. ميزان الجرح والتعديل للقامسي . تحقيق وزيادات مهمة في ضوابط الجرح والتعديل . نشر دار الحديث - القاهرة .

12. وحي القلم في سيرة النبي الأكرم : فصول في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم . طبع بمركز القبلة بالمنيا - وهو غلاف صغير .

13. إحياء السنة وإخماد البدعة لعثمان بن فودي (تحقيق) تحت الطبع بدار الصميعي بالرياض .

14. النصيحة الوفية لطالب العلوم الشرعية ( أكثر من 1000 بيت من الرجز ) : نظم لآداب طالب العلم ، والمنهج الصحيح لتلقي العلوم الشرعية ، والكتب التي لا يستغني عنها الطالب في كل فن . طبعت بدار الرشد بالرياض .


* بعض البحوث المنشورة :

1. القراءات القرآنية .. نشر حقائق ودحض أباطيل . نشر في مجلة كلية الإداب المنيا مصر .

2. النبي صلى الله عليه وسلم مبتسما . نشر بمجلة منار الإسلام - أبوظبي .

3. الشيخ عثمان بن فودي وأثره في غرب أفريقيا .

4. إطلالة على الجهود الإسلامية في ميدان التقنية المعلوماتية . نشر بمجلة الوعي الإسلامي بالكويت .

5. المبشرون بالجنة ليسوا عشرة . نشر بمجلة التوحيد - القاهرة .

6. قراءة في سورة المسد .. الإعلام الإسلامي والإعلام المضاد . نشر بمجلة الفيصل - الرياض .

7. الإمام أبو إسحق الأسفرائيني في ذكراه . نشر بمجلة الوعي الإسلامي بالكويت .

8. العناية بكتاب التذكرة والوقاية من أخطاء محققه المنكرة . نقد لتحقيق كتاب تذكرة النحاة لأبي حيان الأندلسي .

9. المجهود الحديثي للقرطبي المفسر من خلال مؤلفاته وأثره في شخصيته العلمية . نشر في الكتاب الدوري لمؤتمر أعلام التفسير - جامعة المنيا .

10. منهج الإسلام في بناء الرجال . مجلة التوحيد - القاهرة .

11. ثلاث محاولات لاغتيال النبي صلى الله عليه وسلم .

12. نظرية الإباحة وتطبيقاتها المعاصرة . نشر بمجلة منار الاسلام ابو ظبي .

13. أوروبا والإسلام . نشر بمجلة منار الإسلام - أبو ظبي .

14. دفاع عن صحيح البخاري أمام أوهام فؤاد سزكين . نشر بمجلة المجلة العربية - الرياض .

15. حول منهج البحث عند رفاعة الطهطاوي من خلال كتابه (نهاية الإيجاز في سيرة ساكن الحجاز ) . نشر بالعدد التذكاري لرفاعة الطهطاوي ضمن بحوث مؤتمر أعلام السيرة النبوية جامعة المنيا .

16. نحو توثيق السيرة النبوية المباركة : أحداث في السيرة بين القبول والرد . نشر بمجلة التوحيد - مصر .

17. اعتكاف النبي صلى الله عليه وسلم بين الأحكام الفقهية ، والقيم التربوية . نشر بمجلة الوعي الإسلامي - الكويت .

18. بعض القصائد الشعرية

........
لعلي  أتواصل مع الشيخ قريبًا إن شاء الله، وأطلب من فضيلته أن يكمل لنا سيرته العطرة. 
وأحيلكم على صفحات الشيخ بالمنتديات الإسلامية ومواقع الانترنت، وأنصحكم بتتبع مشاركاته وكتاباته لما فيها من الفضل الكبير ..
والله ولى التوفيق
-------------------------------------------

اليوم (28-07-2011)، قابلت أحد الأخوة المقربين من الشيخ، عقب درس الشيخ بمسجد الجمعية الشرعية بقريتنا (صفط الخمار)، وسألته عن سيرة الشيخ الذاتية، حتى أحضرها لكم. وفي الحقيقة، أعطاني الأخ هدية قيمة جدًا، وأحالني على موضوع في منتدى طريق الحقيقة، يسأل أعضاء المنتدى الشيخ، والشيخ يجيب.
واقتصرت على الأجزاء المتعلقة بحديثنا (سيرة الشيخ)، وجمعت المشاركات التي ذكر فيها الشيخ سيرته، ورحلته مع طلب العلم.
أترككم مع كلام الشيخ:
أما عن حفظ كتاب الله تعالى فقد كان ذلك للأسف على ثلاث مرات .. فبدأت في حفظه عند شيخ القرية في الكتاب وعمري خمس سنوات وذلك في حوالي سنة 1958 (ويلاحظ ان التواريخ هنا بالميلادية لأن هذا هو التقويم المعتمد بمصر وهو الذي أحفظ تواريخي به) قبل بداية الدراسة الابتدائية .. ووصلت إلى ربع يس ، ثم توفي الشيخ رحمه الله فانقطعت عن الكتاب حتى بداية المرحلة الإعدادية حوالي سنة 1965 فأتممت نصف القرآن الكريم ثم انقطعت عن الكتاب رغم انفي بانتقالي إلى المدينة لدراسة المرحلة الثانوية حيث لم تكن في هذه الأيام مدارس ثانوية بالقرى ، بل المدارس الإعدادية نفسها كانت في كل حوالي 15 قرية توجد مدرسة .. ولكن في آخر السنة الثالثة الثانوية قرر شيخنا الشيخ عامر الشريف الذي حفظنا على يديه الموطأ وشرحه وقرأناه عليه وشرحه لنا قرر ألا يحضر دروسه الخاصة إلا متم خاتم للقرآن فاضطررت إلى ختمه في العطلة بين الثانية والثالثة الثانويتين . فهذه ثلاث مراحل حفظت فيها القرآن الكريم ..

وأما الدراسة :
الحمد لله تلقيت العلم في جامعات مصر فحصلت على الليسانس في اللغة العربية في كلية الآداب .. بمصر .. سنة 1975 ثم أكملت الدراسات العليا بكية دار العلوم .. وحصلت على دبلوم في اللغات الشرقية (اللغة العبرية) من الجامعة الأمريكية بالقاهرة ، سنة 1979 .. ثم دبلوم المخطوطات العربية وتحقيق التراث من جامعة المنيا .

أما عن المشايخ فلعلي أذكر بعضهم ، فقد تلقيت العلم منذ بداية معرفتي بالدنيا وذلك بفضل حضور والدي مجالس العلم المتواضعة التي كانت في بلدي (قريتي) وكنت أذهب معه وأنا صغير ثم أحببتها ونشأت عليها .. فحضرت وأنا صبي دروس الشيوخ في التفسير والفقه الحنفي فواصلت مع الشيخ الأزهري الشيخ إسماعيل كحيل رحمه الله تفسير ابن كثير وذلك في أيام الابتدائية والإعدادية وقد بلغ بنا آخر سورة الانشراح حتى قوله : (وإلى ربك فارغب) ورغب إلى ربه فمات من ليلته .. وحضرت دروس الفقه المالكي بعد ذلك في المدينة التي درست فيها الثانوية فقرئ الموطأ على الشيخ عامر الشريف أحد علماء بلدنا في هذه الأيام سنة 1967 وما بعدها .. وشرحه لنا على المذهب المالكي وكان إماما في فقه مالك يومئذ .. ثم التقيت بشيخنا الذي جمع بين الفقه المالكي والحنبلي في الثاني والثالث الثانوي فقرأنا عليه رسالة ابن أبي زيد القيرواني المشهورة وكتاب إعلام الموقعين لابن القيم وكذلك كتاب السنن والمبتدعات والإبداع في مضار الابتداع مع أدلتهما ونقد ما يستوجب النقد فيهما .. وراجعنا القرآن على حفص عليه .. وعلى يديه تعلمت إعراب القرآن الكريم إذ كان كل يوم بعد الفجر يعطينا درسا في إعراب السورة التي قرأ بها في الصلاة وكان يطيل القراءة ، بل كان يدربنا أحيانا على إعراب ما يعرف قدرتنا عليه من الآيات أو الكلمات .. وما فرق بيننا إلا انتقالي إلى المحافظة التي درست فيها دراستي الجامعية فلقيت الشيخ محيي الدين الخرشي وهو من نسل الخرشي صاحب شرح خليل المشهور في الفقه المالكي فدرسنا عليه شرح خليل وجملة من علوم العقيدة على طريقة الأشاعرة .. وبعض علوم القرآن حيث درسنا كتاب الزرقاني (مناهل العرفان في علوم القرآن) .. وجودت القرآن على رواية حفص على يد الشيخ المتقن أنور عبد الولي رحمه الله وأجزت في حفص منه وهي الإجازة الوحيدة التي أعتز بها ..وهذا عام 1970 م ..
(وللعلم فلم تكن حرية العلم وكثرة دور القرآن بهذه الصورة التي نراها الآن بعد ما يسمى بالصحوة ، ففضل الله علينا الآن كبير والحمد لله ولكن لو حكيت لكم كيف كنا نستتر بالذهاب لبعض المشايخ لضحكتم) لكن ولله الحمد لم يكن يتصدى للعلم إلا أهله في الغالب ولا كان يمكن أن يقرئ القرآن إلا متقن أو مجاز ، بل المجاز لم يكن يقرئ إلا تحت سمع وبصر المشهور بالإتقان ولكن الآن الحال كما ترون لا كما تسمعون ..
(هذا ما أذكره من شيوخ في هذه الفترة وقد كان الشيخ عزيزا وشروط لقائه بالطلاب صعبة ..
في فترة الجامعة التقيت بشيوخ كثيرين بعضهم لا يحضرني وبعضهم يمنعني مانع من ذكره .. ولكن حصلت على الليسانس سنة 1975 وكنت مهتما بالسنة وعلوم الحديث أثر رؤيا رأيتها في السنة الثانية بالجامعة وأولها لي أستاذ مادة الحديث بأنني أطلب علم الحديث وأبرز فيه .. هذا على حد تعبيره .. ولم يكن لهذه الرغبة موقع في مدينتي التي درست فيها بالجامعة ولذلك منذ تخرجت بدأت أبحث عن طلب الحديث وشيوخه بمصر وكانت مصر كغيرها تهتم بعلوم الفقه من جهة التقليد للمذاهب إلا أني لقيت من يعلمني الحديث وأقرأ عليه كتبه أو أسمعها عليه .. وهو الشيخ ألحافظ أبو الفضل عبد الله بن الصديق الغماري الفاسي شيخ المغاربة وقرأت عليه سنن أبي داود كله ومعظم السنن الأربعة خصوصا الترمذي وأجازنا فيها كما قرئ عليه بعض مختصر البخاري للزبيدي وبعض مختصر مسلم للمنذري وجزء الحكم من الإحكام للآمدي في الأصول ... وكان الشيخ قد ترك المالكي إلى الشافعي بناء على توجيه والده (ومن المعروف ان الشيخ كان بينه وبين العلامة الألباني مساجلات حديثية وخلافات).. ثم توفي الشيخ عام 1993 بالمغرب وكان غادر مصر قبلها بسنوات فلزمت الشيخ العالم الأصولي الفقيه محمد نجيب المطيعي وكان يلقي دروسه الخاصة بطلاب العلم بمدينة الطلبة بين الدراسة والعباسية فصحبته من 1978 إلى أواخر عام 1980 ولو قدرت أن أبقى بعدها لبقيت .. ولكن قدر الله أن ينهي دروسه لظروف سياسية (وقد ساف بعدها إلى السعودية وتوفي بالمدينة المنورة ودفن بالبيع ولدي رسالة نادرة منه إلى الشيخ القدرة عبد العزيز بن باز رحمه الله).. وقد حضرت دروسه في قراءة كتاب المجموع للنووي وهو موسوعة فقهية لا تقارن .. مع النَّفَس الفقهي والأصولي للشيخ وهو الذي أكمل كتاب المجموع لأن النووي توفي قبل إتمامه فشرع السبكي في إتمامه ولم يتمه ثم أتمه شيخنا المطيعي فكنا نسميه : صاحب تكملة المجموع شرح المهذب ..

الذي آلمني ومازال يؤلمني أنني رغم مقدار مشايخي عندي إلا أنني لم يتيسر لي شيخ من أهل الحديث أطلب عنده العلم فكلهم من أشعري أو صوفي إلا شيخي الجليل الشيخ أحمد كحيل فهو الذي كان على السنة وهو الذي صبغ حياتي كلها بحب السنة وغرس في نفسي حب الحديث وأهله وطلبه وكان ذلك في فترة الثانوية وقد تحدثت عن دروسه ولكن تفرقت عنه بمجرد إنهائي مرحلة الثانوية ولم أقض اللبانة منه .. فظل حب الحديث وأهله والسنة وأهلها حتى التقيت بالشيخ الألباني في مصر مرة واحدة في عام وكانت محاضرته حول أهمية السنة ومنزلتها من القرآن من تخصيص لعام القرآن وتقييد لمجمله .. الخ .. فأحسست بروح جديد يسري بين حنايا قلبي رغم أني لم ألتق به بعد ذلك ...
ومنذ 1981 انقطعت صلتي بالشيوخ متعلما منهم واتصلت بالإخوان نتواصل بالعلم معا تدريسا وتبادلا للفائدة .... إلا أني كنت كل عام أنقطع في رمضان انقطاعا تاما العشر الأول لشيوخ المسجد النبوي والباقي لشيوخ المسجد الحرام ...
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .. فهذا دأبي القليل ومحصولي الضعيف من طلب العلم وقلة حيلتي فيه .. ولا أقدر أن أختم بدون الدعاء لوالدي الكريم رحمه الله الذي لم يبخل علي في طلب العلم بشيء مهما كان بل تركني أسافر في ظروف كان يحتاجني فيها بل كان يخاف علي من غوائل كثيرة فجزاه الله عني خير الجزاء ....
بعض النصائح التي أحس بقصور من الطلاب فيها وهي :

1- لزوم الشيوخ : فالشيخ يختصر المسافات وكم عانيت من عدم وجود الشيخ في فترات من عمري .. والشيخ الموثوق درة ومرشد ومعلم ومربٍّ لذا فلا يصلح أن يطلب العلم بغير مرشد إلا في حال الاضطرار ..

2- أعظم ما يفرط فيه الطالب تخصيص وقت محدد للطلب : فنجد الطالب يجعل طلب العلم من موضوعات وقت الفراغ .. ولا يحترم وقت طلبه للعلم الذي يفرغه لهذا الأمر فإذا جاءه في هذا الوقت ضيف استقبله وهش له .. وكذلك إذا اتصل عليه أحد أخوانه وأصحابه يريد مقابلته فيه لم يعتذر له بأنه مشغول وهذا من فرط امتهان الطلاب لوقت الطلب هذا إن حددوه والكثير لا يحدد وقتا معينا وإنما يترك هذا الأمر لظروف الوقت .. فمن كانت هذه همته فليس بطالب وإن ادعى ذلك وحلف عليه ..
ولكن اجعل لك وقتا كالدوام الرسمي واهم ، لا يقترب منك فيه مخلوق .. وأصف بالك في هذا الوقت من كل الشواغل ..

3- هناك خطان مهمان جربت فائدتهما في الطلب وعانيت من مغبة التفريط فيهما .. وهما :
خط التخصص .. فاختر علما تجد نفسك قوي الصلة به عظيم الاهتمام والنشاط في طلبه فاطلبه .. ولا تكلف نفسك طلب ما يصعب عليك في أول مراحل الطلب حتى لا تسأم ولا تقلد أحدا في ذلك فإن لكل نفس طاقات خاصة لا يستحب أن تتعلق بها غيرها إلا على سبيل التنشيط حتى لا يحصل التثبيط ..
ثم خط المشاركة .. ولعلكم تقرؤون في بعض التراجم قول المترجم : وكانت له مشاركة في العلوم .. ومعناه وجود قدر من الإلمام بالعلوم المختلفة للحاجة إليها ولمعرفة كيف البحث فيها إن احتجت بعد بلوغك موقعا في العلم فلا تكسل عن ذلك ...

4- تقسيم الوقت بين الحفظ والفهم والمراجعة لهذين .. وهذا من أهم المهمات فليس العلم مجرد ملء الجوف بالأشياء والمسائل ولكنه الفقه .. وكذلك آفة العلم عدم مراجعته وحياته مذاكرته ..

وفي كل ذلك آثار كثيرة عن السلف والعلماء ... لعله يتسع الوقت والمكان في المنتدى لإيراد شيء منها في وقت لاحق إن شاء الله ..
واذكر قول أبي يوسف تلميذ الإمام أبي حنيفة : " العلم لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كلك ، وهو - إذ تعطيه كلك - من إعطائك البعض على غرر".

وقد كنت حررت في (النصيحة الوفية) موضعا في هذا الشأن أنقله لكم هنا ولكن لعلي عدلت فيه أشياء في النسخة المطبوعة لكن لا يوجد في هذه النسخة التي عندي الآن هنا فأكتفي بإيراده للتذكير ...
قلت فيها :
ما كتبته في (النصيحة الوفية لطالب العلوم الشرعية) في هذا الباب ... (باب علم الفقه وآداب الطـــــــلب) :
قلت :
فالزم-أخي-الشـيـوخ والـدروســاً                ولا تـــمـــل عــنــدهــم جــلــوســاً
فـعـنــدهــم تــحــصِّــل الــفــوائــدا           وتُــحـــرز الـمـقـاصــد الـفــرائــدا
واحفـظ متـون العلـم أول الطـلـب               وزودن نــفــســك لـلـعــلــم الأدب
والشيـخ فـي هــذا الـزمـان نــادر                  لـكـنــه يـحــظــى بـــــه الـمـثـابــر
فاعزم-فـديـت-أن تـلاقـي مـرشـداً               ذا هــمـــة، ذا تــقـــى، مـــســـدداً
فــإن لقـيـتـه فـقــع تـحــت الـقــدم                  وســـدد الـعــزم وشـمــر الـهـمــم
وأحــســن اسـتـمـاعـه واســألــه                     لــكــن تـلـطــف ثَــــم، لا تـــــملله
لا خـيــر فـــي عــلــم بـغـيــر أدب                  أو فــــي دراســـــات بـغــيــر دأب
فاصبر علي التحصيل والمدارسة                وحـــاول الـتـدريـب والمـمـارسـة
وحــــاذرن إن شـكـلــت قـضــيــة                   أن تـتـرك البـحـث إلــى التسـويـة
فالـعـلـم لا يـعـطـي إذا لـــم يـأخــذ                والذهـن لا يـفـري إذا لــم يُشـحـذ
علـيـك إن شـئـت بـلــوغ إلاربـــة                  مـن درســك العلم-كفـيـت السُّـبَّـة
َّبــأن تـشـوب العـلـم بالـوقـار                 فــإنـــه تـــــاج لـــــذي الـمــقــدار
ولازم الــطــاعــات والــنــوافـــلا                      ولا تــكـــن مـفــرطــا أو غــافـــلاً
وداوم الــتــوبــة كــــــل وقـــــــت                      يكفـيـك رب الـكـون شــر المـقـت
واذكــر كـلامـاً لـلإمـام الشافـعـي                 أن الــعــلــوم هـــبـــة لـلــطــائــع
وللمـعـاصـي أثـــر فـــي الـحـفــظ                   من أسوأ الآثـار، فاحفـظ وعظـي
أفــرغ-إذا مـــا قـمــت للـمـذاكـرة                 ذهنـك مـن شغـل ومـن مـسـاوره
واجعل بكور الصبح كسب القـوت           ولـيـسـيــر الــنــفــل و الــقــنــوت
حـتـى إذا مـــا جـــاءت القيـلـولـة                  فالـنـوم فـيـهـا أفـضــل الفضـيـلـة
وراجــــع الـعـشــي مــــا كـتـبـتــا                      ودارســـن صـحـبـك مـــا وعـيـتـا
أمـا الـذي بـعـد العـشـاء الآخــرة                  فالدرس و التحصيل، لا المناظـرة
فـإن أتـاك الليـل فاسـكـن سـاعـة                 إلــى جمـيـل الـذكـر والـضـراعـة
وارغـــب إلـــى مـــودة الـرحـيــم                     ورتــلــن مـــــن آيـــــه الـكــريــم
ثــم ارجـعـن إلـــى دروس الـعـلـم                   مــذاكــراً، أو فـاهـجـعـن لـلـنــوم
تـقـم إلــى الفـجـر نشـيـطـاً طـيـبـا                  وتستـقـي الـعـلـم غـزيــراً صـيـبـاً
وخـض بـحـار واحــد عـلـي حــده                 مــــن الـعـلــوم بـاحـثــاً مــجــوده
فاعـلـم حـــدوده، ومـيــز هيـكـلـه                  وادرس قضـايـاه، وحــل مشكـلـة
وشــاركــن بــعــد، ولا تـقـصــرن           أو فـتـعـرف ثَـــمَّ حـتــى- تـعـرفـن
لا تجهلن ما اسطعت علماً جائـزاً               ولــو عـمـومـات، وحـــدا مـائــزا
فـــــإن جـهـلـتــه فـــــلا تـحــقــره                      هـــذا سـلــوك ســـيء، فــاحــذره
ولا َتـنـقَّــص طـالـبــاً أو عـالــمــاً                  فيـه، وكـن بالقسـط دومـا حاكـمـا
وزيــــن الـعـلــم بــتــاج الـعــمــل                      فــإن فـــي هـــذا بـلــوغَ الـمـنـزل
والـعـلــم إمــــا حــجــة لـلـعـامــل                     أو كُــبَّـــة للمـسـتـهـيـن الـغــافــل

هل نشأت في بيئة علم وأدب؟؟ وما دور والديك في ذلك؟؟
أقول : رحم الله والدي كما ربياني صغيرا .. فلعلي أحس أنهما من النوادر في حثي على العلم وإنفاقهما علي فيه في وقت كان الذي يطلب العلم ينظر إليه على أنه ................... من الأوصاف التي (تودي في داهية) .. وفي وقت كان الحصول على الجنيه معجزة (حيث حدثت في بعض البلاد ثورات على أصحاب الغنى بدعوى أنهم حصلوا عليه من دم الشعب !!! ولكن كان المراد التشفي ممن أعطاهم الله والحسد عليهم فشرعوا قوانين تجرد الأغنياء مما عندهم وتتركهم أحيانا لا شيء عندهم تحت ستار الإصلاح .... !!) ولذلك نشأ أفراد عائلتي بعد هذه الأمور عصاميين وكان النظر إليهم في كل شيء والمتابعة لهم .. ومع ذلك فقد وقف الوالدان رحمهما الله معي في كل خطوة صالحة من خطوات حياتي ولم يبخلوا علي بشيء أبدا .. بل لم يكونوا يعدون ذلك منقبة من مناقبهم وإنما هو مجرد تشجيع لي على الطريق الذي اخترته .. فأذكر أني رجعت البيت مرة متأخرا جدا بعد درس علم كان في مكان بعيد والمواصلات كانت في تلك الأيام صعبة جدا فطرقت الباب في ساعة متأخرة فزجرني والدي وقال نام عندك ... قلت : فين أنام .. قال : في الجنينة تحت أي شجرة ونام ... فجاءت أمي تقول له : يا أخي إحنا وهبناه للعلم اتركه يدخل .. فضحك بشدة وقال لها : لا تكذبي إحنا ما وهبناه ؟.. هو اللي وهب نفسه .. احنا بس ساعدناه على اللي اختاره .. وفتحوا لي الباب محذرين إياي من التأخر علشان أسباب أخرى غير البرد .. )

ووالدي هو الذي كان يصطحبني لمجالس العلم صغيرا معه ودفعني إلى الكتاب .. ويسمع أبيات الشعر التي أكتبها في المعلمين الذين أحبهم من أساتذتي أو اتندر فيها ببعض الأشياء .. ويوجهني وفي المرحلة الإعدادية قال لي أستاذ العربية أنت تحتاج تدرس علم اسمه العروض علشان تزن الشعر .. وقال لي على كتاب فذكرت ذلك لوالدي فذهب إلى رجل أزهري اسمه الشيخ عبد الحي رحمه الله وسأله فقال : هو عندي تشتريه؟؟ فاشتراه لي بقفطان كان عنده .. طبعا تعرفون القفطان ؟؟؟ فرحمهما الله رحمة واسعة)
هل تكتب القصيدة أم هي تكتبك؟؟ بمعنى هل إذا جاء في بالك فكرة معينة كتبت فيها أم هي تأتيك بلا استئذان؟؟
بصراحة هي تشرئب لتكتبني .. وكنت أسمح لها في شبابي بان تكتبني .. لكن الآن القصيدة تأتي لتكتبني فاكتبها إن شئت وأدعها ترحل إن شئت ... الآن تغير الحال فأنا تغزوني المشاعر دائما وفي كل حين .. لكن لا تتمكن مني بقوة أن تكتبني وإنما أحيانا أرفض الكتابة من أينا أو لا أستطيعها لظروف أخرى ... هناك أمور قهرية كثيرة أصبحت تتحكم في استجابتي لمشاعري أو للقصيدة الغازية ... والله المستعان...
وهل لك ديوان مطبوع؟؟ يجمع إبداعك؟؟
طبع لي ديوان بعنوان : وقفة على أطلال التاريخ ... في بيروت .. وجاءتني منه نسخة ... ثم قال لي الناشر إنه صودر .. ورأيته بعدها في معرض الكتاب الدولي بالقاهرة .. نسخ قليلة ولم أره بعد ذلك .. ولآن عرضت علي دور أن أنشر بعض اشعري ولعل ذلك يحدث فقد اخترت بعض القصائد وضمنتها ديوان صغير سميته : وافته المنية .. لكن اهتمامي ليس في الشعر فهناك قضايا ينوء بها الشعر ولا يصلح لها إلا همم علمية وفكرية وعزائم قوية ...

هذا ما من الله به علينا من سيرة الشيخ محمد عبد الحكيم القاضي، عسى الله أن ييسر لنا جميع المزيد J.
وبإذن الله، سنحاول تتبع دروس الشيخ الصوتية وتوفيرها لكم، فتابعونا.

لقاء فضيلة الشيخ محمد القاضي بقرية (دمشاو هاشم)

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا
إخواني الكرام/ أخواتي الكريمات
يسعدنا أن نضع بين أيديكم
لقاء فضيلة الشيخ/ محمد عبد الحكيم القاضي (حفظه الله ورفع قدره)
بقرية دمشاو هاشم بمحافظة المنيا بصعيد مصر
تحت عنوان (التزكية)
حفظ الله الشيخ وبارك بعمره ونفع بعلمه
للتحميل اضغط هنا

نسألكم الدعاء لي ولوالدي ولمن أحببت وللمسلمين أجمعين.
وفقكم الله تعالى لكل خير

الشيخ محمود مصطفى (أبو المنذر المنياوي) - سيرة ذاتية

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين.
ستتعرفون في هذه السطور القليلة القادمة على عالم جليل، وشيخ فاضل حبيب، طيب القلب، من أهل العلم الكرام، أصولي، فقيه، عابد، فضيلة الشيخ/ محمود مصطفى، رفع الله قدره، وأعلى ذكره، وبارك بعمره وعلمه.
وأترككم مع سيرة ذاتية للشيخ يرويها بنفسه، وهي موجودة على موقع المكتبة الشاملة. وإن شاء الله تعالى وقدر، سنضع بين أيديكم بعضًا من شروحات الشيخ العلمية، ودروسه الدعوية.

أبو المنذر المنياوي


اسم المصنف أبو المنذر محمود بن محمد بن مصطفى بن عبد اللطيف المنياوي
تاريخ الوفاة معاصر
ترجمة المصنف ترجمة الشيخ المؤلف - حفظه الله تعالى - كما كتبها بنفسه:

بسم الله الرحمن الرحيم

أولا - السيرة الذاتية
الاسم/ محمود بن محمد بن مصطفى بن عبد اللطيف .
الكنية : أبو المنذر .
تاريخ الميلاد/ 23 من شهر صفر لعام 1390 هـ .
المؤهل/ بكالوريوس تربية .

ثانيا - المسيرة العلمية
بدأت طلب العلم وحفظ القرآن وأنا في السنة العاشرة من عمري ، ولكن الدراسة المنتظمة بدأت بعد الانتهاء من الدراسة الجامعية .

تتلمذت على يد :
الشيخ / محمد بن عبد الحكيم بن القاضي .
الشيخ / إبراهيم بن زكريا .
الشيخ / أشرف بن جلال - حفظهم الله تعالى - .
وكانوا هم أهل العلم والفتيا في بلدي ، وما زالوا والحمد لله .

وقد اتبعت نظام الدراسة الأكاديمي المتبع في بلدتنا وهو حضور بعض المحاضرات والشروح لبعض الكتب ، وهذا بالإضافة لدراسة بعض الكتب في شتى العلوم الشرعية ، ثم الاستفسار عما أشكل فيها ، ثم في نهاية دراسة كل كتاب يعقد فيه امتحان تحريري ، ثم ينتقل لكتاب أوسع منه ، وهكذا .

وقد درست - بفضل الله ومنته - :
في علم العقيدة (200 سؤال وجواب في العقيدة) للشيخ حافظ حكمي مع الثمرات الزكية للشيخ أحمد فريد ، وقد كان للشيخ إبراهيم بن زكريا تعليقات نافعة وزيادات ماتعة على هذا الكتاب بما يضبط بعض عباراته ، ويحرر بعض مسائلة . ثم درست رسالة : بعض مسائل الإيمان للشيخ سيد الغباشي ، تلا ذلك دراسة لبعض الكتب ومنها : كتاب التوحيد لابن خزيمة مع القواعد المثلى ، وشرح الواسطية للشيخ العثيمين ، وفتح المجيد شرح كتاب التوحيد للشيخ عبدالرحمن آل الشيخ مع كتاب فضل الغني الحميد للشيخ ياسر برهامي ، ومختصر الصواعق المرسلة للشيخ محمد الموصلي ، ومختصر اللوامع لعلي بن سلوم ، ثم اللوامع للسفاريني ، والعقيدة الطحاوية ، ثم بدأت في تلخيص مجلدات العقيدة من فتاوي شيخ الإسلام ابن تيمية فلخصت المجلد الأول والثاني وجزء من الثالث في أوراق محفوظة عندي .
وتخلل ذلك قراءة لبعض الكتب منها : معارج القبول للشيخ الحكمي ، وشرح السفارينية للشيخ العثيمين مع بعض الرسائل الأخرى التي يطول الكلام بذكرها .
وأما علم أصول الفقه ، فقد بدأت بدراسة الأصول من علم الأصول للشيخ العثيمين ، ثم أصول الفقه للشيخ عبدالكريم زيدان ، ثم القواعد الفقهية للشيخ الندوي، ثم إرشاد الفحول للشوكاني ، وتخلل ذلك دراسة وقراءة بعض الكتب مثل : تعليق الشيخ العثيمين على كتاب الشيخ السعدي : القواعد والأصول الجامعة والفروق والتقاسيم البديعة النافعة ، ولطائف الإشارات وهو شرح الشيخ عبدالحميد بن محمد على قدس على نظم العمريطي على الورقات ، وعلم أصول الفقه للشيخ خلاف ، والمستصفى للغزالي ، وشرح الكوكب المنير لابن النجار ونزهة الخاطر العاطر لابن بدران ، الموافقات للشاطبي ، وإعلام الموقعين لابن القيم .
وقد كان شيخي في الأصول لا يسير على وفق منهج معين في الدراسة إلا أنني بعد ذلك اتجهت لدراسة أصول المذهب الحنبلي ، وقد توسعت في شرح الأصول من علم الأصول على مذهب الحنابلة ، وتوسعت من خلال ذلك في دراسة كتب المذهب الحنبلي .
وأما علم أصول البدع ، فقد بدأت بدراسة البدعة وأثرها السيئ في الأمة للشيخ سليم الهلالي ، ثم أصول في البدع للشيخ محمد أحمد العدوي ، ثم الإبداع في مضار الابتداع للشيخ علي محفوظ ، عقب ذلك قراءة في بعض الكتب كالاعتصام وحقيقة البدعة وأحكامها للشيخ الغامدي ، وبعض الكتب التي تكلمت على فروع البدع والتحذير منها كالجزء الثاني من الإبداع ، والسنن والمبتدعات للشقيري .
وأما علم مصطلح الحديث ، فقد بدأت بدراسة تيسير مصطلح الحديث، وأصول التخريج ودراسة الأسانيد كلاهما للشيخ الطحان ثم نزهة النظر للحافظ ابن حجر ، ثم الباعث الحثيث للشيخ أحمد شاكر ، ثم تدريب الراوي للسيوطي ، ثم توضيح الأفكار للصنعاني ، وتخلل ذلك دراسة لبعض الكتب ككفاية الحفظة شرح المقدمة الموقظة للشيخ سليم الهلالي والنكت على ابن الصلاح لابن حجر والزركشي وغيرها .
وأما علم الفقه ، فقد قمت بدراسة الجزء الأول من فقه السنة للشيخ سيد سابق مع تعلقات الشيخ الألباني في تمام المنة ، ثم الوجيز للشيخ عبد العظيم بدوي ثم الروضة الندية لصديق حسن خان ، وتخلل ذلك دراسة لبعض كتب شروح الحديث ومنها : سبل السلام للصنعاني ، ثم نيل الأوطار ، والسيل الجرار للشوكاني ، وقد قارنت بين ترجيحات والشوكاني في الكتابين .

وكما قلت فلم يكن شيخي مهتما بالدراسة على مذهب بل كان يدخل كتب الفقه مع كتب شروح الأحاديث ، ولكنني تمكنت بفضل الله من دراسة في العدة شرح العمدة ثم منار السبيل لابن ضويان ، وتخلل ذلك قراءة في مطولات كتب الفقه كالمغني وكشاف القناع ، وغيرهما .

وأما علوم القرآن فقد قمت بدراسة الفوز الكبير في أصول التفسير للدهلوي ، ثم مباحث في علوم القرآن للشيخ صبحي الصالح ، ثم مباحث في علوم القرآن للشيخ مناع القطان ، ثم الإتقان للسيوطي ، وتخلل ذلك القراءة في مناهل العرفان للزرقاني ، وغيره .

وأما سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد قمت بدراسة الرحيق المختوم للمباركفوري ، ثم فقه السيرة للبوطي مع الرد على جهالاته للشيخ الألباني ثم الجزء الخاص بالغزوات من زاد المعاد ، ثم عقب ذلك قراءة في سبل الهدى والرشاد لصالح الشامي ، وبعض شروح كتب الشمائل .

وأما التفسير فقد قمت بدراسة موسعة لأضواء البيان للشنقيطي - رحمه الله - وكنت أقيد الفوائد التي استخرجها من الكتاب ثم رتبتها على العلوم الشرعية ، وكان من نتاج ذلك كتاب : الجموع البهية ، والكشاف التحليلي لأضواء البيان ، والأساليب والإطلاقات العربية وسوف يأتي الكلام عليهم - بإذن الله - إلى غير ذلك من العلوم المستخرجة من هذا السفر الجليل كأصول الفقه والفقه وعلوم القرن واللغة وغير ذلك من المتفرقات .
وتخلل ذلك قراءة في تفسير السعدي وابن كثير والقرطبي ، وغيرها .

وأما علم الآداب والأخلاق فقد قمت بدراسة غذاء الألباب للسفاريني ، وقراءة كتاب البحر الرائق للشيخ أحمد فريد ، وقراءة في كتاب مدارج السالكين لابن القيم ، والآداب الشرعية لابن مفلح ، ومختصر منهاج القاصدين ، وغير ذلك .
وأما في اللغة فقد درست كتاب ملخص القواعد العربية لفؤاد نعمة ، ثم قطر الندي وبل الصدى ، وتخلل ذلك قراءة في القواعد الأساسية في النحو والصرف .

إلى غير ذلك مما لا يحضرني الآن .
وقد سرت في هذه الطريقة لفترة طويلة حتى شهد لي شيوخي بالصلاحية للتصدر في التدريس وعهدوا لي بمجموعة من الدارسين لمتابعتهم ، فضلا من الله ومنّة .

بدأت ممارسة العمل الدعوي منذ بضعة عشر عاما ، وما زلت مستمرا - بفضل الله ومنته - في طلب العلم والدراسة والتدريس ، وأسأل الله التوفيق والسداد .

وقمت بتدريس ومتابعة الدارسين في عدة متون في المسجد الرئيس للدعوة السلفية في بلدتي ، ومن هذه المتون :

أولا - في علم العقيدة ، ومن ذلك :
1- تدريس شرح الواسطية للشيخ العثيمين .
2- تدريس وتعليق على عقيدة أهل السنة والجماعة للشيخ أحمد فريد .

ثانيا - في علم أصول الفقه ، ومن ذلك :
1- شرح المقدمة المنطقية التي ذكرها ابن قدامة في صدر روضة الناظر .
2- شرح مختصر التحرير لابن النجار .
3- شرح الأصول من علم الأصول للشيخ العثيمين .

ثالثا - في علم الفقه ، ومن ذلك :
1- شرح منار السبيل لابن ضويان .
2- الملخص الفقهي للفوزان .
3- شرح وتعليق على فقه السنة للسيد سابق .
4- شرح وتعليق على الوجيز لعبد العظيم بدوي .

رابعا - في علم مصطلح الحديث ، ومن ذلك :
1- شرح البيقونية .
2- شرح الباعث الحثيث لأحمد شاكر .
3- كفاية الحفظة شرح المقدمة الموقظة للشيخ سليم الهلالي .
4- شرح نزهة النظر لابن حجر .
5- تدريب الراوي للسيوطي .

خامسا - في علم أصول البدع ، ومن ذلك :
1- شرح رسالة البدعة وأثرها السيئ في الأمة لسليم الهلالي.
2- أصول في البدع لمحمد أحمد العدوي
3- أبحاث عبارة عن شرح وتلخيص لكتاب الاعتصام للشاطبي .
إلى غير ذلك من الدروس العامة ، وأسأل الله التوفيق والقبول والسداد .

النتاج العلمي -
1- الجموع البهية للعقيدة السلفية التي ذكرها العلامة الشِّنقيطي محمد الأمين بن محمد المختار الجَكَنِي في تفسيره أضواء البيان . وقد طبع في مجلدين بدار ابن عباس ، وأعيد طبعة للمرة الثانية .
2- تحقيق وتعليق على مخطوط ( نهج الرشاد في نظم الاعتقاد ) للعلامة السرمري . - يطبع لأول مرة - وهو تحت الطبع ، بمراجعـة شيخنـا محمد بن عبدالحكيم القاضي - حفظه الله - .
3- الأساليب والإطلاقات العربية التي ذكرها العلامة الشنقيطي في أضواء البيان. وهو تحت الطبع بمراجعة شيخنا محمد بن عبدالحكيم القاضي - حفظه الله - .
4- كشاف تحليلي لتفسير أضواء البيان ، وهو تحت الطبع بدار الراية للنشر والتوزيع بالسعودية .
5- المشاركة في تحقيق نيل الأوطار للشوكاني وهو مقدم للطبع لدار الراية للنشر والتوزيع بالسعودية .
6- مقارنة ترجيحات الشوكاني في نيل الأوطار، والسيل الجرار ، وإثبات الفروق في حاشية نيل الأوطار .
7- تحقيق الإعانة في الحق لمن ولي شيئا من أمور الخلق لابن شطي ، وهي في طور المراجعة لتقديمها للطبع بإذن الله تعالى بمراجعة شيخنا إبراهيم بن زكريا - حفظه الله - .
8- تحقيق وتخريج حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح لابن القيم وقد انتهيت منه وهو مقدم للطبع - بإذن الله - .
9- اختصار وشرح الأصول من علم الأصول للشيخ العثيمين في مجلد كبير .
10- المعتصر ، وهو اختصار للكتاب السابق ، وقد طبع طبعة أولى خاصة بالمكتبة الشاملة ، ولله الفضل والمنة .
11- موسوعة الصيام بالتعاون مع شيخي الفاضل الشيخ إبراهيم بن زكريا ، وهي تحت الطبع .
12- تحقيق رسالة (نصح المحب الشفيق لمن توهم عدم جواز الاستنابة في حج بيت الله العتيق) تأليف الشيخ : عبدالله بن حسين المخضوب (1318هـ) وهي مقدمة للطبع .

المشاريع المستقبلية - بإذن الله تعالى - :
1- منح العلي في شرح سنن الدارمي ، وهو شرح موسع لسنن الدارمي مع تخريج وتحقيق الأحاديث ، وقد شرعت فيه منذ فترة وتوقفت عند الحديث الخامس والأربعين ، وراجعت جزءا منه على شيخنا محمد بن القاضي ، ثم بدا لي أن أعيد صياغته فشرعت في ذلك ، وأسأل الله أن يهيئ لي الوقت لإتمام ذلك .
2- تحقيق قضاء الوطر من نزهة النظر لللقاني ، وقد شرعت في التحشية عليه وأسأل الله التوفيق لإتمامه .
3- شرح بعض المتون العلمية في الفقه ومصطلح الحديث ، والعقيدة ، وغير ذلك - بإذن الله - .

هذا ما يحضرني الآن من الأعمال التي تمت أو التي أعمل فيها الآن ، وأسأل الله أن يوفقني لمزيد من العطاء وخدمة هذا الدين ، وأن يرزقني الإخلاص والقبول .
والله أسأل أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم ، وأن يدخر لنا أجرها يوم لا ينفع مال ولا ينون إلا من أتى الله بقلب سليم .
وقد كتبت هذه الترجمة تلبية لطلب بعض الإخوان ، وإن كنت لا أرى نفسي أهلا لأن يترجم له .

كتبه : أبو المنذر محمود بن محمد بن مصطفى المنياوي
غفر الله له ولوالديه .
مصر - المنيا في 10 من ذي القعدة 1431 هـ الموافق 18 أكتوبر 2010م
كتب المصنف بالموقع
  1. المعتصر من شرح مختصر الأصول من علم الأصول
  2. الجموع البهية للعقيدة السلفية

نفع الله بالشيخ الكريم، وبارك في عمره وعلمه.
رابط موقع الشيخ من هنا
والله ولي التوفيق

ومضى عام كامل (ذكريات مدون)

بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
يمر الوقت سريعًا، وربما لا نشعر به في كثير من الأحيان.
لا أتصور أنه مضى عام كامل على تلك الأحداث، كانت أحداثًا مؤلمة، لكن الله تعالى لطيف بعباده، فلا ندري أين الخير، وحتمًا الخير ما اختاره الله تعالى لنا.
كتبت هذه الكلمات إثر فقدي لإنسان عزت على نفسي مفارقته، وقد مضى عام كامل على رحيله، رحم الله أحبابنا، وجمعنا بهم في الفردوس الأعلى من الجنة (آمين).
أترككم مع أول جرة قلم خطها قلمي، وأول تدوينة من تأليفي نشرتها على صفحات الانترنت.
....
تمر على الإنسان أوقات يشعر فيها بالوحدة والغربة، ويجد نفسه كأنه
يغوص في بحور من الآهات والأحزان، ويتقلب في ذكرياته.

إحساس يصعب وصفه لمن لم يعشه، تجد الدنيا وكأن أبوابها غلقت أمامك، وكأن الناس كلهم
ولوّا ..

إنه إحساس الوحدة، ذاك الإحساس المتولد من فقد الأحبة..

الأمر وكأنه حلم .. ولكن يحب عليك تصديقه.

والعاقل .. العاقل من يخرج من هذا الدرس مستفيدًا .. هو درس صعب ولكن ما هناك إلا
خيارين:

- من رضي فله الرضا

- ومن سخط فله السخط

اللهم إني أسألك أن أكون ممن رضي، وأسألك أن ترضى عني وعمّن أحببت..

كتبت هذه الكلمات، وفي الحقيقة أنا حديث عهد بالكتابة ...

الموت أبكاني
بكيت على حالي ورفعت يدي وشكوت إلى الله
أحزاني
زاد علي الحَزَنْ وصار الهم رفيقي
وأعياني
رفعت يدي وقلت
يا ربي
من لي سواك
يحرسني ويرعاني
من يا مولاي يزيل همي ومن سواك عليمٌ
بأشجاني
يا رب كان لي
أحبةً
أفناهم الموت
وعزَّاني
كانوا لي في
الدنيا ضياءً
فانطفأت شمعتهم
من غير حسبانِ
قال لي من غير
صوتٍ
أخذت منك أعزَّ
إنسانِ
لم يرسل لي
رسولاً
فجأة جاني
وأبكاني
فقلت يا رب لك
الرُّجعى
وإليك كل الناس
إتيانِ
وقلت يا رب تقضي
ما تشاء
لا اعتراض على
قضاء من الرحمانِ
يا رب لك ما
أخذت
وكل شيء عندك
بميزانِ
ارحم يا رب أحبةً كانوا دواءً
لسقماني
وأسأل الله تعالى أن يتغمد من أحببت برحمته، وأقدم هذه المحاضرة إلى كل مبتلى ...
كشف الكربة عند فقد الأحبة للشيخ علي بن عبد الخالق القرني

سعيد بن المسيب سيد التابعين


سعيد بن المسيب سيد التابعين



تابعي من كبار التابعين قيل أنه سيد التابعين وهو الحسن البصري وسعيد بن جبير، وابن المسيب من فقهاء المدينة السبعة الذين عاصروا الدولة الأموية، الذي قال فيهم الشاعر:

إذا قيل من في العلم سبعة أبحراً *** روايتهم عن العلم ليست بخارجة
عبـــيــــــد الله عـــــــروة قـاســــم *** سعيــد أبو بكـر سليمــان خارجة

اسمـه ومولـده

هو أبو محمد سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب بن عمرو المخزومي القرشي، ولد في المدينة في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقيل أنه ولد بعد أن استلخف عمر رضي الله عنه بأربع سنين، وفي رواية أخرى ولد قبل موت عمر رضي الله عنه بسنتين.

أبوه المسيب بن حزن وهو صحابي من المهاجرين، ومن أهل بيعة الرضوان الذين قال الله تعالى في حقهم: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً} [الفتح: 18]

علمــه

أخذ سعيد بن المسيب علمه من مجالس كبار الصحابة، فجالس سعد بن أبي وقاص وابن عباس وعبدالله بن عمر رضي الله عنه، ويقول سعيد عن نفسه: أخذت علمي عن زيد بن ثابت، وكذلك أخذ علمه من أمهات المؤمنين أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كعائشة وأم سلمة رضي الله عنهم أجمعين.

وقيل أخذ ابن المسيب شطر علمه من زيد بن ثابت وأبي هريرة صهره، لأن سعيد بن المسيب زوج ابنته رضي الله عنهم أجمعين.

فكان ذو علم غزير حتى أنه كان يفتي وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحياء كما ذكر ذلك بان القيم في أعلام الموقعين.

وقد قال عنه بعض معاصريه: كنت أرى الرجل في ذلك الزمان، وإنه ليدخل يسأل عن الشيء، فيدفعه الناس من مجلس إلى مجلس، حتى يدفع إلى مجلس سعيد بن المسيب رضي الله عنه كراهية للفتيا، وكانوا يدعونه سعيد بن المسيب الجريء، كما ذكر ذلك ابن القيم في أعلام الموقعين، وجرأته بلا شك كانت على علم ودراية لا على جهل وتسرع كالجهال وناقصي العلم.

وفي خلافة عمر بن عبد العزيز الخليفة الأموي العادل كان لسعيد بن المسيب مكانة عظيمة عنده، لماذا؟
لأنه رأى في ابن المسيب العلم والتقوى والصلاح وحصافة الرأي والاجتهاد، حتى أنه كان لا يقضي بقضاء حتى يسأل سعيد بن المسيب، وكان يقول عنه: ما كان بالمدينة عالم إلا يأتيني بعلمه، وأُُوتي بما عند سعيد بن المسيب.

صفاتـه ودعوتـه

من شمائله أنه كان نظيفاً في مظهره، أنيقاً في ملبسه، فقد وصفه أحد معاصريه: بأنه لا يدع ظُفره يطول، ويُحفي شاربه شبيهاً بالحلق، ويصافح كل من لقيه، وكان جاداً متزناً يكرهُ كثرة الضحك، يتوضأ كثيراً.

وكان يلبس العمامة البيضاء لها علم أحمر يُرخيها وراء ظهره شبراً، وكان يخرج بهذا المظهر في الفطر والأضحى، وكان يصفر لحيته في كبره، فقد كان أبيض الرأس واللحية رحمه الله.

وأما عن فقهه فقد كان فقيهاً واعياً، جاءه عبد الرحمن بن حرملة أحد أصدقائه وسأله قائلاً:
"وجدت رجلاً سكران، أفتراهُ يسعُني أن أرفعه إلى السلطان؟
فأجاب سعيد: إن استطعت أن تستره بثوبك فاستره، فلما أفاق الرجل استحى من فعلته وقال: والله لا أعود لهذا أبداً"، أي شرب الخمر.

قال عنه برد مولى بن المسيب: "ما نودي بالصلاة منذ أربعين سنة إلا وسعيد بن المسيب في المسجد".

وكان يقول لتلاميذه: "من استغنى بالله افتقر الناس إليه، الدنيا نذلة (أي: حقيرة) وهي إلى كل نذل أميل، وأنذلُ منها من أخذها من غير وجهها ووضعها". (في غير سبيلها).

وجاء في أعلام الموقعين:
إنه لما مات العبادلة وهم عبدالله بن عباس وعبدالله بن الزبير وعبدالله بن عمر وعبد الله بن عمرو بن العاص سار الفقه إلى الموالي، فكان فقيه مكة عطاء بن أبي رباح وفقيه اليمن طاووس، وفقيه أهل اليمامة يحي بن كثير وفقيه أهل البصرة الحسن وفقيه أهل الشام مكحول إلا المدينة فإن الله خصها بقرشي، فكان فقيه أهل المدينة سعيد بن المسيب غير مدافع.

من أقـواله

ما يئس الشيطان من شيء من قبل النساء.

ما أكرمت العباد أنفسها بمثل طاعة الله، ولا أهانت أنفُسها إلا بمعصية الله تعالى.

كفى بالمرء نصرة من الله عز وجل له أن يرى عدوه يعمل بعصية الله.

وقال: إنه ليس من شريف ولا عالم ولا ذي فضل إلا وفيه عيب، ولكن من الناس لا ينبغي أن تذكر عيوبه، من كان فضله أكثر من نقصه وهب نقصه لفضله.

وقال: لا خير فيمن لا يجمع المال من حلُه، يعطي منه حقه، ويكف به وجهه عن الناس.

وقال: لا خير فيمن لا يجمع الدنيا يصون بها دينه وحسبه، ويصل رحمه.

وقال: الناس كلهم تحت كنف الله يعملون أعمالهم، فإذا أراد الله عز وجل فضيحة عبد أخرجه من تحت كنفه، فبدت للناس عورته.

وقال: لا تقولوا مسيجداً ومصيحفاً... بالتصغير... فتصغروا ما كان لله تعالى وهو عظيم جليل.

من سـيرته التي ذكـرت

إنه قدم بعض أمراء المدينة والياً عليها
قال: فأتاه علي بن الحسين والقاسم بن محمد وسالم بن عبدالله، وذكر نفراً من قريش فقال أيكم سعيد بن المسيب؟
قال فقال له علي بن الحسين : إن سعيداً ليلزم مسجده ويجفو الأمراء
فقال: تأتيني أنت (يعني الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبدالمطلب- والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وسالم بن عبدالله بن عمر بن الخطاب) وسمى أولئك الذي أتوه من قريش، ولم يأتيني، والله لأضربن عنقه، ثم والله لأضربن عنقه، ثم والله لأضربن عنقه
فقال علي بن الحسين: فضاق بنا المجلس حتى قمنا فأتيت سعيد بن المسيب فجلست إليه وذكرت له ما قال
وقلت: تخرج إلى العمرة
فقال: ما حضرتني في ذلك نية وأن أحب الأعمال إلى ما نويتُ
قال: فقلت فتصير إلى بعض منزل إخوانك، قال فما أصنع بهذا المنادي الذي ينادي في اليوم خمس مرات والله لا يناديني إلا أتيته
قلت: فتحول عن مجلسك إلى هذا المسجد فإنك إذا طُلبت إنما تطلب في مجلسك
قال: ولم أدعُ مجلساً عودني الله فيه من الخير ما عودني
قال: قلت أي أخي أما تخاف؟
قال: أما إذ ذكرت يا أخي، فإن الله تعالى ليعلم أني لا أخاف شيئاً غيره، ولكن أول ما أقول وأوسطه وآخره حمداً لله وثناءً عليه، وصلاةُ على محمد، وأسأل الله تعالى أن ينسيه ذكري.

قال فمكث ذلك الأمير على المدينة ما شاء الله لم يذكره، قال: فبينما هو ذات يوم على منزل من المدينة وغلام له يوضئه إذ قال للغلام: أمسك واسوأتاه من علي بن الحسين والقاسم بن محمد وسالم، إني حلفت أن أقتل سعيد بن المسيب، والله ما ذكرته في ساعة من ليل أو نهار حتى ساعتي هذه، فقال له غلامه: أي مولاي فما أراد الله بك خير مما أردت بنفسك.
(ذكره أبي الفداء في كرمات الأولياء وفيه راوٍ مجول الحال)

وفـاته

استمر سعيد في مجلسه عشرات السنين مفتياً وعالماً ينهل من علمه تابعوه ومحبوه من أهل دار الهجرة وغيرهم، ممن يجيؤون لزيارة مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن ثم مرض الشيخ الفقيه سعيد بن المسيب واشتد مرضه فدخل عليه نافع بن جبير بن مطعم يعوده في مرضه فأغمي عليه فقال نافع بن جبير: وجّهوا فراشه إلى القبلة فوجّهوا فراشه إلى القبلة فلما أفاق قال: من أمركم أن تحولوا فراشي إلى القبلة أنافع بن جبير أمركم؟
فقال نافع: نعم
فقال سعيد: لئن لم أكن على القبلة والملة لا ينفعني توجيهكم لفراشي، ثم قال وهو في فراش المرض: إذا مُتّ فلا تضربوا على قبري فسطاطاً، ولا تُتبعوني بنار، ولا تؤذنوا بي أحداً، حسبي من يبلّغني ربي، ثم توفي يرحمه الله وكان في خلافة الوليد بن عبدالملك بالمدينة في العام الرابع والتسعين من الهجرة وكان عمره خمسة وسبعين عاماً، وقيل لهذه السنة سنة الفقهاء، لموت كثير من الفقهاء فيها.

فرحم الله الشيخ والتابعي الجليل سعيد بن المسيب رحمة واسعة وأدخله فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسُن أولئك رفيقاً وعمنا معهم بفضله وجوده وإحسانه إلى يوم الدين.

المصادر: كتاب عصر التابعين-الرفيق المؤنس-كرامات الأولياء
مجلـة البشرى
قسم الإعلام
-------------

هكذا قدم المسلمون للعالم


هكذا قدم المسلمون للعالم
د. بدر عبد الحميد هميسه


بسم الله الرحمن الرحيم

قدم المسلمون نموذجا حضارياً للعالم في الاكتشافات والاختراعات التي ما زالت البشرية إلى الآن تنهل من معينها وترتوي من فيضها ,ولقد تميزت هذه الحضارة بالوسطية والتوازن , ذلك التوازن العجيب بين علاقة الإنسان بربه وعلاقته بالبشر من حوله، وكذلك علاقة البيئة التي يعيش فيها بكل ما تحويه من كائنات وثروات.

وهذه إطلالة على بعض الاكتشافات والاختراعات التي قدمها العلماء المسلمون للبشرية ومنها : 


1- اكتشاف الوزن النوعي للمواد الصلبة والسائلة:

لقد اخذ العرب عن الإغريق وأرشميدس فكرة. الوزن النوعي للمواد ولكنهم توسعوا فيها إلى أقصى حد وطوروها وصنعوا لها موازين خاصة متطورة فابتكر الرازي ميزانا دقيقا سماه (الميزان الطبيعي) ووصفه في كتابه (محنة الذهب والفضة) كما ابتكر الخازن ميزانا متطورا يمكنه وزن الأجسام في الماء والهواء على السواء وقد كان اهتمام المسلمين بالوزن النوعي لاكتشاف نقاء المعادن وإذا كانت مختلفة أو مغشوشة وخاصة المعادن النفيسة. ولكنهم توسعوا بعد ذلك في هذا الميدان فأصبحوا يصنعون الجداول للوزن النوعي لكل شيء في الحياة.. ابتداء من الذهب والفضة والزئبق والياقوت والزمرد والازورد والعقيق إلى الحديد والصلب والحجارة. كما شملت أبحاثهم في السوائل كل شيء ابتداء من الأحماض والماء إلى الحليب بجميع أنواعه وزيوت الطعام.. وبهذا كانوا يعرفون نسب تركيب كل مادة من عناصرها المختلفة.
وقد جاء في كتاب (عيون المسائل) لعبد القادر الطبري جداول للوزن النوعي لكثير من المواد المعروفة في عصور الإسلام. كذلك قام البيروني والخازن بعمل جداول المواد. فمن ذلك على سبيل المثال إن الوزن النوعي للذهب الخالص حسب جداول البيروني 26 ر 19 وحسب الخازن 25 ر 19 وحسب الأرقام الحديثة 26 ر 19 وهذا مثل هذا عن دقة المسلمين في تجاربهم. ومن أغرب التجارب التي أجراها عباس بن فرناس حساب الوزن النوعي لجسم الإنسان.. ومقارنته بالوزن النوعي للطيور وخاصة الصقور.. وكان مقصده من ذلك إن يعرف حجم الجناحين الذين يصنعهما لحمل جسمه والطيران في الهواء.
وجدير بالذكر أن هذه الطريقة التي أبتكرها عباس بن فرناس المتوفي سنة 884 م هي التي تتبع اليوم في تربية أجسام الرياضيين وإعدادهم للمسابقات العالمية.. وفي المعاهد الرياضية الكبرى موازين تقوم على نفس الفكرة أي وزن الجسم في الهواء ثم في الماء.. فإذا وجدوا إن نسبة الشحم إلى العضلات في الجسم اكبر من اللازم نصحوه بعمل رجيم شديد أو يحرم من الدخول لبطولة الرياضية.

2- المسلمون وأشعة الليزر : 

قدماء اليونانيون ظنوا أن أعيننا تُخرِج أشعة مثل الليزر والتي تجعلنا قادرين على الرؤية, أول شخص لاحظ أن الضوء يدخل إلى العين ولا يخرج منها كان في عالم رياضي وفيزيائي وفلكي مسلم, وهو الحسن بن الهيثم. حيث اكتشف أن الإبصار يحدث بسبب سقوط الأشعة من الضوء على الجسم المرئي مما يمكن للعين أن تراه.. ولكن العين لا تخرج أشعة من نفسها.. وإلا كيف لا ترى العين في الظلام ؟ و اكتشف ابن الهيثم ظاهرة انعكاس الضوء، وظاهرة انعطاف الضوء أي انحراف الصورة عن مكانها في حال مرور الأشعة الضوئية في وسط معين إلى وسط غير متجانس معه. كما اكتشف أن الانعطاف يكون معدوماً إذا مرت الأشعة الضوئية وفقاً لزاوية قائمة من وسط إلى وسط آخر غير متجانس معه, ووضع ابن الهيثم بحوثاً في ما يتعلق بتكبير العدسات، وبذلك مهّد لاستعمال العدسات المتنوعة في معالجة عيوب العين, ويعتبر الحسن بن الهيثم أول من انتقل بالفيزياء من المرحلة الفلسفية للمرحلة العملية [ from a philosophical activity to an experimental one ]

3- المسلمون والطيران : 

قبل آلاف السنوات من تجربة الأخوان رايت في بريطانيا للطيران.. كان هناك شاعر وفلكي وموسيقي ومهندس مسلم يدعى \"عباس بن فرناس\" قام بمحاولات عديدة لإنشاء آلة طيران, في عام 825 قفر من أعلى مئذنة الجامع الكبير في قرطبة مستخدما عباءة صلبة غير محكمة مدعمة بقوائم خشبية, كان يأمل أن أن يحلق كالطيور.. لم يفلح في هذا ولكن العباءة قللت من سرعة هبوطه.. مكونة ما يمكن أن نمسيه أول “باراشوت” وخرج من هذه التجربة فقط بجروح بسيطة, في 875 حين كام عمره 70 عاماً.. قام بتطوير ماكينة من الحرير وريش النسور ثم حاول مرة أخرى بالقفز من أعلى جبل هذه المرة, وصل هذه المرة إلى ارتفاع عال.. وظل طائرا لمدة عشر دقائق.. لكنه تحطم في الهبوط!.. كان ذلك بسبب عدم وضع “ذيل” للجهاز الذي ابتكره كي يتمكن من الهبوط بطريقة صحيحة, مطار بغداد الدولي وفوهة أحد البراكين في المغرب تم تسميتهما على اسمه.

4- المسلمون والمنظفات : 

الاغتسال والنظافة متطلبات دينية لدي المسلمين, ربما كان هذا السبب في أنهم طوروا شكل الصابون إلى الشكل الذي مازلنا نستخدمه الآن!.. قدماء المصريين كان عندهم أحد أنواع الصابون.. تماما مثل الرومان الذين استخدموها غالبا كـمرهم!, لكنهم كانوا العرب هم من جمعوا بين زيوت النباتات وهيدروكسيد الصوديوم والمواد الأروماتية مثل الـ “thyme oil” .كان أحد أكثر خصائص الصليبيون غرابة بالنسبة للمسلمين كانت أنهم لا يغتسلون!.. الشامبو قدم في انجلترا لأول مرة حينما قام أحد المسلمين بفتح احد محلات الاستحمام بالبخار في “بريتون سيفرونت” في عام 1759 ..

5- المسلمون والتقطير : 

التقطير ووسائل فصل السوائل من خلال الاختلافات في درجة غليانها, اخترعت في حوالي العام 800 م. بواسطة العالم المسلم الكبير “جابر بن حيان” , الذي قام بتحويل “الخيمياء” أو “الكيمياء القديمة” إلى “الكيمياء الحديثة” كما نعرفها الآن.. مخترعا العديد من العديد من العمليات الأساسية والأدوات التي لانزال نستخدمها حتى الآن؛ السيولة, والتبلور, والتقطير, والتنقية, والأكسدة, والتبخير والترشيح.. جنباً إلى جنب مع اكتشاف الكبريت وحمض النيتريك, اخترع جابر بن حيان أمبيق التقطير – تستخدم الانجليزية لفظ alembic وهو مشتق من لفظ “إمبيق” العربي – وهو آلة تستخدم في عملية التقطير.. مقدماً للعالم العطور وبعض المشروبات الكحولية ويذكر الكاتب أن ذلك حرام في الإسلام , استخدم ابن حيان التجربة المنظمة ويعتبر مكتشف الكيمياء الحديثة.

6- المسلمون والهندسة المعمارية : 

تعد الأقواس مستدقة الطرف من أهم الخصائص المعمارية التي تميز كاتدرائيات أوروبا القوطية, فكرة هذه الأقواس ابتكرها المعماريون المسلمون. وهي أقوى بكثير من الأقواس مستديرة الطرف والتي كان يستخدمها الرومان والنورمانيون, لأنها تساعدك على أن يكون البناء أكبر وأعلى وأكثر تعقيداً.. إقتبس الغرب من المسلمين أيضاً طريقة بناء القناطر والقباب. قلعات أوروبا منسوخة الفكرة أيضاً من العالم الإسلامي, بدءا الشقوق الطولية في الأسوار, وشرفات القلعة.. وطريقة الحصن الأمامي وحواجز الأسقف.. والأبراج المربعة.. والتي كانت تسهل جدا حماية القلعة.. ويكفي أن تعرف أن المهندس المعماري الذي قام ببناء قلعة هنري الخامس كان مسلم.

7- المسلمون والحسابات الفلكية : 

كانت حسابات الفلكيون المسلمون دقيقة جدا حيث أنه في القرن التاسع.. حيث حسبوا محيط الأرض ليجدوه 40,253.4 كيلومتر وهو أقل من المحيط الفعلي بـ200 كيلومتر فقط! , رسم العالم الإدريسي رسما للكرة الأرضية لأحد الملوك في عام 1139 ميلادية.

8- المسلمون والأرقام الحسابية : 

نظام الترقيم المستخدم في العالم الآن ربما كان هندي الأصل.. ولكن طابع الأرقام عربي وأقدم ظهور له في بعض أعمال عالمي الرياضة المسلمين الخوارزمي والكندي حوالي العام 825, سميت “Algebra ” على اسم كتاب الخوارزمي “الجبر والمقابلة” والذي لا يزال الكثير من محتوياته تستخدم حالياً.. الأفكار والنظريات التي توصل لها علماء الرياضيات المسلمين نقلت إلى أوروبا بعد ذلك بـ300 عام على يد العالم الإيطالي فيبوناشي.. الـ” Algorithms” وعلم المثلثات نشأوا في العالم الإسلامي.
9- المسلمون وكروية الأرض :
في القرن التاسع عشر قال الكثير من علماء المسلمين أن الأرض كروية, وكان الدليل كما قال الفلكي “ابن حزم” أن الشمس دائما ما تكون عمودية على نقطة محددة على الأرض , كان ذلك قبل أن يكتشف جاليليون ذات النقطة ب500 عام.. [ نلاحظ أن ابن حزم لم يعدم لقوله هذا عكس ما حدث مع جاليليو من الكنيسة.

10- المسلمون والجراحة : 

العديد من الآلات الجراحية الحديثة المستخدمة الآن لازالت بنفس التصميم الذي ابتكرها به الجراح المسلم “الزهراوي” في القرن العاشر الميلادي.. هذه الآلات وغيرها أكثر من مائتي آلة ابتكرها لازالت معروفة للجراحين اليوم, وكان “الزهراوي” يجري عملية استئصال الغدة الدرقية Thyroid . وذكر “الزهراوي” علاج السرطان في كتابه التصريف قائلا: متى كان السرطان في موضع يمكن استئصاله كله كالسرطان الذي يكون في الثدي أو في الفخد ونحوهما من الأعضاء المتمكنة لإخراجه بجملته ,إذا كان مبتدءاً صغيراً فافعل. أما متى تقدم فلا ينبغي أن تقربه فاني ما استطعت أن أبرىء منه أحدا. ولا رأيت قبلي غيري وصل إلى ذلك ” وهي عملية لم يجرؤ أي جراح في أوربا على إجرائها إلا في القرن التاسع عشر بعده أي بتسعة قرون, في القرن الثالث عشر الميلادي.. طبيب مسلم آخر اسمه “ابن النفيس” شرح الدورة الدموية الصغرى.. قبل أن يشرحها ويليام هارفي بـثلاثمائة عام, اخترع علماء المسلمين أيضاً المسكنات من مزيج مادتي الأفيون والكحول وطوروا أسلوباً للحقن بواسطة الإبر لا يزال مستخدم حتى الآن.

11- المسلمون وطواحين الهواء : 

اخترع المسلمون طواحين الهواء في عام 634 م.. وكانت تستخدم لطحن الذرة وري المياه في الصحراء العربية الواسعة, عندما تصبح جداول المياه جافة, كانت الرياح هي القوة الوحيدة التي يهب من اتجاه ثابت لمدة شهور, الطواحين كانت تحتوي على 6 أو 12 أشرعة مغطاة بأوراق النخل, كان هذا قبل أن تظهر طواحين الهواء في أوروبا بخمسمائة عام!.

12- المسلمون والتطعيم : 

فكرة التطعيم لم تبتكر بواسطة جبنر وباستير ..ولكن ابتكرها العالم الإسلامي ووصلت إلى أوروبا من خلال زوجة سفير بريطانيا في تركيا وتحديدا في اسطنبول عام 1724 , الأطفال في تركيا طعِّموا ضد الجدري قبل خمسون عاما من اكتشاف الغرب لذلك!.
فهل يعود المسلمون إلى سالف عهدهم ؟ . يقودون العالم نحو حضارة جديدة تجمع بين العلم والإيمان وتمازج بين التقوى والإبداع , ويكونون كما قال الحكيم :

لسْنا وَإنْ أحسَابُنا كرُمَتْ * * * يَوْماً عَلى الأحْسابِ نَتَّكِلُ
نَبْنِي كما كانَتْ أوَائِلُنا * * * تَبْني وَنفعَلُ مِثلَ ما فَعَلُوا 

كيف تكسب ليلة القدر؟

كيف تكسب ليلة القدر؟


د. لطيفة بنت عبد الله الجلعود


الحمد لله الذي فرض صيام هذا الشهر وسنَّ لنا قيامه، والصلاة على خيرة خلقه محمد صلى الله عليه وسلم والذي لم يترك خيراً إلا ودل أمته عليه، فروى عنه أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه- أنه صلى الله عليه وسلم قال:"من صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه"(1)وروي عنه أيضاً أنه قال:"من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه"(2)وإن من الحرمان أن نرى كثيراً من المسلمين يقضون هذه اللحظات والفرص النادرة فيما لا ينفعهم، فإذا جاء وقت القيام كانت أحوالهم ما بين:
(أ) نائمون.
(ب) يتسامرون ويقعون في غيبة إخوانهم المسلمين.
(ج) يقضون أوقاتهم في المعاصي من مشاهدة القنوات الفضائية الهابطة، ومشاهدة الأفلام والمسلسلات الرمضانية – كما يسمونها- وحاشا رمضان أن يكون له أفلام، أو مسلسلات مع ما فيها من اختلاط النساء بالرجال، والموسيقى، وما هو أشنع من ذلك.

لذلك لا بد من تجديد التوبة في هذا الشهر، فهذه فرصتنا للأسباب التالية:
أ. لأن مردة الشياطين تصفد، كما روى أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه- مرفوعاً "أتاكم رمضان شهر مبارك فرض الله عز وجل عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه مردة الشياطين، لله فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم"(3).
ب. الإقبال النفسي على فعل الخيرات في هذا الشهر ما لا تستطيعه في الأشهر الأخرى.
ج. أن الصوم في نهار رمضان يمنع من القيام بكثير من المعاصي.
ولو كان أمام أعيننا أنه قد يكون آخر رمضان نصومه لسهلت علينا التوبة، فكم من شخص مات قبل أن يبلغه، أما نحن فقد بلغناه الله عز وجل فلندعوه أن يعيننا على صيامه وقيامه.
مقارنة بين أعمارنا وأعمار الأمم السابقة:
قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه أبو هريرة رضي الله تعالى عنه:"أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين وأقلهم من يجوز ذلك"(4).
كان أعمار السابقين مئات السنين، فهذا نوح -عليه السلام- لبث في قومه يدعوهم ألف سنة إلا خمسين عاماً، وعن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال صلى الله عليه وسلم نحن الآخرون السابقون يوم القيامة".
فكيف يكون لنا السبق، ونحن أقل أعماراً؟! يكون ذلك باستغلال الفرص والتسابق عليها كما يتسابق الناس على الوظائف، والتسجيل في الجامعات، وعلى التخفيضات أيضاً.
ومن أعظم هذه الفرص، الحرص على ليالي العشر الأواخر من رمضان، فإن لم يكن، فعلى الأقل ليلة 21، 23، 25، 27، 29 لأن ليلة القدر لن تتعدى إحدى هذه الليالي كما قال صلى الله عليه وسلم:"تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان".
إلا إذا كان هناك اختلاف بين دول العالم الإسلامي في دخول رمضان، فإن الأحوط العمل كل ليالي العشر.
قال سبحانه وتعالى:"ليلة القدر خير من ألف شهر".
منذ أن يؤذن المغرب إلى أن يؤذن الفجر في الغالب لا يتجاوز 12 ساعة.
فكم سنة تعدل ليلة القدر؟ أكثر من ثلاث وثمانين سنة!! فلو حرصت كل الحرص على هذه الليلة فلا تفوتك، وذلك بقيام كل ليالي العشر الأخيرة، واستغلال كل ليلة منها كأحسن ما يكون الاستغلال كقدوتنا وحبيبنا محمد -صلى الله عليه وسلم- كما روت عنه عائشة رضي الله عنها:"أنه إذا دخل العشر شد المئزر وأحيا ليله وأيقظ أهله".
ولنحسب عمر واحد منا حرص على القيام في ليالي الوتر لمدة عشر سنوات، إن هذا يساوي أكثر من 830 سنة بإذن الله، ولو عشت عشرين سنة بعد بلوغك، وكنت ممن يستغل كل ليالي العشر بالعبادة، لكان خير من 1660 سنة بإذن الله، وبهذا نحقق السبق يوم القيامة، وذلك باستغلال فرص لم تكن للأمم السابقة من اليهود والنصارى.
لذلك منذ أن يدخل شهر رمضان ادع الله أن يعينك ويوفقك لقيام ليلة القدر، فمن أعانه الله فهو المعان، ومن خذله فهو المخذول.

ماذا تفعل في هذه الليلة؟
- الاستعداد لها منذ الفجر، فبعد صلاة الفجر تحرص على أذكار الصباح كلها، ومن بينها احرص على قول:"لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير" مئة مرة، لماذا؟ لما رواه أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مئة مرة كان له عدل عشر رقاب، وكتبت له مئة حسنة، ومحيت عنه مئة سيئة، وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك"(5).
الشاهد: "كانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي" حتى لا يدخل عليك الشيطان فيصرفك عن الطاعة.
- احرص على أن تفطر صائماً، إما بدعوته، أو بإرسال إفطاره، أو بدفع مال لتفطيره، وأنت بهذا العمل تكون حصلت على أجر صيام شهر رمضان مرتين لو فطرت كل يوم منذ أن يدخل الشهر إلى آخره صائماً لما رواه زيد بن خالد الجهني عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"من فطر صائماً كتب له مثل أجره لا ينقص من أجره شيء"(6).
- عند غروب الشمس ادع أيضاً أن يعينك ويوفقك لقيام ليلة القدر.
- جهز صدقتك لهذه الليلة من ليالي العشر، وليكن لك ادخار طوال السنة لتخريجه في هذه الليالي الفاضلة فلا تفوتك ليلة من ليالي الوتر إلا وتخرج صدقتها، فالريال إذا تقبله الله في ليلة القدر قد يساوي أكثر من ثلاثين ألف ريال، و 100 ريال تساوي أكثر من 300 ألف ريال وهكذا، وقد روى أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا الطيب، وإن الله يتقبلها بيمينه، ثم يربيها لصاحبه كما يربي أحدكم فلوه(7)، حتى تكون مثل الجبل"(8) وروى أبو هريرة أيضاً قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، أي الصدقة أعظم أجراً؟ قال:" أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر، وتأمل الغنى ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلان كذا، ولفلان كذا، وقد كان لفلان"(9).
فإن أخفيتها كان أعظم لأجرك فتدخل بإذن الله ضمن السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، لما رواه أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"سبعة يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله.. ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه" (10).
- منذ أن تغرب الشمس احرص على القيام بالفرائض والسنن، فمثلاً منذ أن يؤذن ردد مع المؤذن ثم قل: وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله، رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً، فمن قال ذلك غُفر له ذنبه كما روي عنه صلى الله عليه وسلم مرفوعاً(11) ثم قل: اللهم رب هذه الدعوة التامة... إلخ، لما رواه جابر بن عبد الله أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة"(12).
- ثم بكر بالفطور احتساباً، وعند تقريبك لفطورك ليكن رطباً محتسباً أيضاً، ولا تنس الدعاء في هذه اللحظات، وليكن من ضمن دعائك: اللهم أعني ووفقني لقيام ليلة القدر، ثم توضأ وضوء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم بادر بالنافلة بين الأذان والإقامة؛ لما رواه أنس -رضي الله تعالى عنه- أنه قال: كان المؤذن إذا أذن قام ناس من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- يبتدرون السواري حتى يخرج النبي -صلى الله عليه وسلم- وهم كذلك يصلون الركعتين قبل المغرب، ولم يكن بين الأذان والإقامة شيء"(13). ثم صل صلاة مودع(14)كلها خشوع واطمئنان، ثم اذكر أذكار الصلاة، ثم صل السنة الراتبة، ثم اذكر أذكار المساء -إن لم تكن قلتها عصراً- ومنها "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير" مئة مرة؛ لتكون في حرز من الشيطان ليلتك هذه حتى تصبح، كما سبق أن ذكرنا، ثم نوِّع في العبادة:
- لا يفتر لسانك من دعائك بـ "اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني".
- إن كان لك والدان فبرهما وتقرب منهما، واقض حوائجهما وافطر معهما.
- ثم بادر بالذهاب إلى المسجد قبل الأذان، لتصلي سنة دخول المسجد، ولتتهيأ بانقطاعك عن الدنيا ومشاغلها علك تخشع في صلاتك، ثم إذا أذن ردد معه وقل أذكار الأذان ثم صل النافلة، ثم اذكر الله حتى تقام الصلاة، أو اقرأ في المصحف، واعلم أنك ما دمت في انتظار الصلاة فأنت في صلاة كما روى ذلك أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"إن أحدكم في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه، والملائكة تقول اللهم اغفر له وارحمه، ما لم يقم من صلاته أو يحدث"(15).
- ثم إذا أقيمت الصلاة صل بخشوع، فكلما قرأ الإمام آية استشعر قراءته، وكن مع كلام ربك حتى ينصرف الإمام.
- ثم عد إلى بيتك، ولا يكن هذا هو آخر العهد بالعبادة حتى صلاة القيام، بل ليكن في بيتك أوفر الحظ والنصيب من العبادة سواء بالصلاة أو بغيرها.
- ولا تنس -قبل خروجك من المسجد- أن تضع صدقة هذه الليلة، وإذا كان يصعب عليك إخراج صدقة كل ليلة من هذه الليالي فمن الممكن أن تعطي كل صدقتك قبل رمضان أو قبل العشر الأواخر جهة خيرية توكلها بإخراج جزء منها كل ليلة من ليالي العشر.
- ولا تنس وأنت في طريقك من وإلى المسجد أن يكون لسانك رطباً من ذكر الله، ولا تنس سيد الاستغفار هذه الليلة:"اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء بذنبي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. قال صلى الله عليه وسلم:"من قاله فمات من يومه أو ليلته دخل الجنة"(16)، وما بين تهليل وتسبيح وتحميد وتكبير وحوقلة؛ لما رواه أبو سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" استكثروا من الباقيات الصالحات، قيل وما هن يا رسول الله؟ قال: التكبير والتهليل والتسبيح والحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله"(17)وما بين صلاة على رسولنا محمد -صلى الله عليه وسلم- ثم الدعاء بخيري الدنيا والآخرة، فإذا دخلت بيتك تلمَّس حاجة من هم في البيت، سواء والداك أو زوجتك أو إخوانك أو أطفالك، فقم بخدمة الجميع بانشراح الصدر واحتساب واستغل القيام بحوائجهم بقراءة القرآن عن ظهر قلب، فقل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن في الأجر، كما روى أبو الدرداء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"أيعجز أحدكم أن يقرأ في ليلة ثلث القرآن؟ قال:"وكيف يقرأ ثلث القرآن؟ قال: قل هو الله أحد ثلث القرآن"(18). فإذا قرأتها ثلاث مرات حصلت على أجر قراءة القرآن كاملاً، ولكن ليس معنى هذا هجر القرآن، ولكن هذا له أوقات وهذا له أوقات، وقل يا أيها الكافرون تعدل ربع القرآن في الأجر(19)، وآية الكرسي أعظم آية في كتاب الله، أخرجه سعيد بن منصور في سننه، كما قاله عبد الله موقوفاً، ثم قل:" لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير" مئة مرة؛ ليكون لك عدل عشر رقاب، ولتكتب لك مئة حسنة، وتمحى عنك مئة سيئة، ولتكن حرزاً لك من الشيطان حتى تصبح ولم يأت بأفضل مما جئت به إلا أحد عمل أكثر من ذلك، واحرص على كل ما ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- من الأذكار ذات الأجور العظيمة، كما قال صلى الله عليه وسلم لعمه:"ألا أدلك على ما هو أكثر من ذكرك الله الليل مع النهار تقول: الحمد لله عدد ما خلق، الحمد لله ملء ما خلق، الحمد لله عدد ما في السموات والأرض، الحمد لله عدد ما أحصى كتابه، الحمد لله ملء ما أحصى كتابه، الحمد لله عدد كل شيء والحمد لله ملء كل شيء وتسبح مثلهن، ثم قال: تعلمهن وعلمهن عقبك من بعدك"(20) وقال صلى الله عليه وسلم:"من قال سبحان الله وبحمده مئة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر"(21)وعن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال -صلى الله عليه وسلم-: "من قال حين يصبح وحين يمسي سبحان الله وبحمده مئة مرة لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به إلا أحد قال مثل ما قال أو زاد عليه"(22)وفي بعض الروايات "سبحان الله العظيم وبحمده مئة مرة" (23)وكلما ذُكرت الكفارة أو الغفران – غفران الذنوب- وحط الخطايا، فالمقصود بها الصغائر، أما الكبائر فلا بد من التوبة، أما إن كانت هذه الكبيرة متعلقة بحقوق الآدميين فلا بد من الاستحلال مع التوبة أو المقاصة يوم القيامة؛ لما رواه أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه-:"من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل ألا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه"(24)ولا يغرك في الغيبة ما يردده البعض أن كفارة من اغتبته أن تستغفر له، فهذا حديث أقل أحواله أنه شديد الضعف، وهو يعارض الحديث السابق الصحيح، ومن أعظم حقوق الآدميين: الغيبة والنميمة والسخرية، والاستهزاء والسب، والشتم وشهادة الزور، قال صلى الله عليه وسلم:"الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر" (25).
فإذا فرغت من خدمة الجميع والأعمال البدنية، ليكن لك جلسة مع كتاب ربك فتقرأه، وليكن لك قراءتان في شهر رمضان إحداهما سريعة "الحدر" والأخرى بتأمل مع التفسير إذا أشكل عليك آية، قال ابن عباس رضي الله تعالى عنه:"لأن أقرأ سورة أرتلها أحب إلي من أن أقرأ القرآن كله.
فإذا أنهك جسدك فألقه على السرير وأنت تذكر ربك بالتهليل والتسبيح والتحميد والحوقلة والتكبير والاستغفار والصلاة والسلام على رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم.
- فإن نمت فأنت مأجور -بإذن الله- ثم استيقظ لصلاة قيام الليل في المسجد، وليكن لك ساعة خلوة مع ربك ساعة السحر فتفكر في عظمة خالقك، ونعمه التي لا تحصى عليك مهما كنت فيه من حال أو شدة فأنت أحسن حالاً ممن هو أشد منك كما قال صلى الله عليه وسلم:"انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلا من هو فوقكم، فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله"(26).
- وتذكر هادم اللذات علها تدمع عينك فتكون من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله كما قال صلى الله عليه وسلم:"ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه.." (27).
- وتذكر ما رواه جابر بن سمرة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:"أتاني جبريل، فقال: يا محمد من أدرك شهر رمضان فمات فلم يغفر له فأدخل النار فأبعده الله، قل آمين. فقلت: آمين..." (28) الحديث. فهذه العشر هي والله الغنيمة الباردة، وفي هذا الشهر فرص ومواسم من لم يستغلها تذهب ولا ترجع..
- أخيراً وقبيل الفجر لا بد من السحور ولو بماء، مع احتساب العمل بالسنة؛ لما رواه أنس رضي الله تعالى عنه، قال: قال صلى الله عليه وسلم:"تسحروا فإن في السحور بركة"(29) ثم تسوك وتوضأ واستعد لصلاة الفجر وأنت إما في ذكر أو دعاء أو قراءة قرآن.

- ولا بد من التنبيه على بعض الأخطاء، ومنها:
1- أن البعض قد يشيع في ليلة 23 أو 25 أن فلاناً رأى رؤياً، وأن تعبيرها أن ليلة القدر مثلاً ليلة 21 أو 23. فماذا يفعل البطالون؟ يتوقفون عن العمل باقي ليالي العشر، حتى أن البعض قد يكون في مكة فيعود، لماذا؟ انقضت ليلة القدر في نظره. وفي هذا من الأخطاء ما فيها، ومنها: أن هذا قد يكون حلماً وليس رؤياً. أن المعبر حتى وإن عبرها بأنها ليلة 21 أو 23 أو غيرها ليس بشرط أن يكون أصاب، فهذا أبو بكر الصديق -رضي الله تعالى عنه- عبر رؤيا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: أصبت بعضاً وأخطأت بعضاً"(30) فإذا كان أبو بكر وهو خير الخلق بعد الأنبياء يصيب ويخطئ، فما بالك بغيره. والذي يظهر لي أن هذا من تلبيس إبليس، ليصد المؤمنين عن العمل باقي ليالي العشر. والله أعلم.
وأخيراً.. الأيام معدودة، والعمر قصير، ولا تعلم متى يأتيك الأجل، ولا تدري لعلك لا تبلغ رمضان، وإن بلغته لعلك لا تكمله، وإن أكملته لعله يكون آخر رمضان في حياتنا.
فهذا يخرج من بيته سليماً معافى فينعى إلى أهله، وهذا يلبس ملابسه ولا يدري هل سينزعها أم ستنزع منه؟
لذلك كله علينا أن نستحضر هذه النعمة العظيمة أن بلغنا رمضان ووفقنا لصيامه وقيامه وصالح الأعمال، فكم من شخص مات قبل أن يبلغه، وكم من مريض مر عليه رمضان كغيره من الشهور، وكم من عاص لله ضال عن الطريق المستقيم ما ازداد في رمضان إلا بعداً وخساراً، وأنت يوفقك الله للصيام والقيام، فاحمد الله على هذه النعمة الجليلة، واستغلها أيما استغلال.

------------------------------​-----------------------------
(1) أخرجه البخاري في صحيحه (ك صلاة التراويح ب 1 فضل ليلة القدر 2/709 ح (1910).
(2) أخرجه البخاري في صحيحه (ك الإيمان ب 6 تطوع قيام رمضان من الإيمان 2/22 ح (37).
(3) أخرجه النسائي في سننه الصغرى (ك الصيام ب فضل شهر رمضان ص 336 ح (2106).
(4) أخرجه ابن حبان في صحيحه (ك الجنائز، فصل في أعمار هذه الأمة 7/246 ح (2980).
(5) أخرجه البخاري في صحيحه (ك بدء الخلق ب 11 صفة إبليس وجنوده ص 266 ح (3293).
(6) أخرجه ابن حبان في صحيحه (ك الصوم ب فضل الصوم، ذكر تفضيل الله جل وعلا بإعطاء المفطر المسلم مثل أجره 8/216 ح (3429).
(7) فرسه.
(8) أخرجه البخاري في صحيحه (ك الزكاة ب الصدقة من كسب طيب ص 111 ح (1410).
(9) أخرجه البخاري في صحيحه (ك الزكاة ب 11 فضل صدقة الشحيح الصحيح ص 111 ح (1419).
(10) أخرجه البخاري في صحيحه (ك الزكاة ب 16 الصدقة باليمين ص 112 ح (1423).
(11) أخرجه ابن خزيمة في صحيحه (ك الصلاة ب 62 فضيلة الشهادة لله عز وجل بوحدانيته 1/220 ح (421).
(12) أخرجه البخاري في صحيحه (ك الآذان ب الدعاء عند النداء 1/222 ح (589).
(13) أخرجه البخاري في صحيحه (ك الأذان ب 14 كم بين الأذان والإقامة ومن ينتظر إقامة الصلاة ص 50 ح (625).
(14) ذكره الألباني في صحيح الجامع الصغير 3/244 ح (3670) وعزاه لأبي محمد الإبراهيمي في كتاب الصلاة، ولابن النجار من رواية ابن عمر وحكم عليه بأنه حسن.
(15) أخرجه البخاري في صحيحه (ك بدء الخلق باب إذا قال أحدكم آمين والملائكة في السماء فوافقت إحداهما الأخرى، غفر له ما تقدم من ذنبه 3/1180 ح (3057).
(16) أخرجه البخاري في صحيحه (ك الدعوات ب أفضل الاستغفار 5/2323 ح (5947).
(17) أخرجه ابن حبان في صحيحه باب الأذكار، ذكر البيان بأن الكلمات التي ذكرناها مع البشرى من الحول والقوة إلا بالله مع الباقيات الصالحات 3/121 ح 840 .
(18) أخرجه مسلم في صحيحه.
(19) أخرجه الترمذي.
(20) ذكره الألباني في صحيح الجامع الصغير ح (2612).
(21) أخرجه مسلم في صحيحه ح (2691).
(22) أخرجه مسلم في صحيحه ح (2692).
(23) ذكره الألباني في صحيح الجامع الصغير ح (6301).
(24) أخرجه البخاري في صحيحه ح (2449).
(25) أخرجه مسلم في صحيحه ح (552).
(26) أخرجه مسلم في صحيحه (7430).
(27) أخرجه البخاري في صحيحه ح (660) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(28) ذكره الألباني في صحيح الجامع الصغير ح (75).
(29) أخرجه البخاري في صحيحه ح (1923).
(30) أخرجه البخاري في صحيحه ح (7046).

المصدر : الإسلام اليوم