نيل الأجر في اغتنام العشر "عشر ذي الحجة"

نيل الأجر في اغتنام العشر
"عشر ذي الحجة"

كتبه فضيلة الشيخ/ جمال محمد اسماعيل -حفظه الله-

أحمد الله تعالى الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى، وأشكره على نعمه التي تترى، وآلائه التي لا أدرك لها حصرًا. وأصلي وأسلم على عبده المصطفى، ونبيه المجتبى، محمد خير الورى، وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه واقتدى.
وبعد:
سبحان من تفرد بالخلق والاختيار فقال جل وعلا : "وَرَبُّكَ يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُ وَيَخۡتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الۡخِيَرَةُ سُبۡحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشۡرِكُونَ" القصص/68 وصدق من قال:
العبد ذو ضجر والرب ذو قدر              والدهر ذو دول والرزق مقسومُ
والخير أجمع فيما اختار خالقنا             وفي اختيار سواه اللوم والشُؤمُ (1)
فإنه سبحانه أعلم بمواقع اختياره، ومحال رضاه، وما يصلح للاختيار مما لا يصلح له، وغيره لا يشاركه في ذلك بوجه، فنعم الرب ربنا يسوق لنا هذه الأيام المباركة تحمل الخير والبركة من غير طلب منا ولا سؤال وخصها بمزيد من الفضل وزيادة الأجر ليكون أعدى لشحذ الهمم، وتجديد العزائم والمسابقة في الخيرات، والتعرض للنفحات، فينبغي للعاقل أن يعرف فضلها، فيحرص على الاجتهاد فيها، ويحاول أن يتقلل فيها ما أمكن من أشغال الدنيا وصوارفها، فإنما في أيام معدودات ما أسرع انقضائها، والسعيد من وفقه الله لصالح القول والعمل.
ومن الأيام المباركة العشر الأوائل من ذي الحجة بل من أعظمها، فهي أفضل أيام العام، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " أفضل أيام الدنيا أيام العشر" (2)

بماذا نستقبل العشر المباركة

الرجل الحازم منا من ينظر في أمر الدين إلى من هو فوقه، ومن هو أنشط منه فيسابق في اغتنام هذه الأيام العشر "وَفِى ذَٰلِكَ فَلۡيَتَنَافَسِ الۡمُتَنَافِسُونَ " المطففين/26
فليكن استقبالنا لها كما يلي:
1- استفراغ القلب من كل مادة فاسدة تعرض له وذلك بالتوبة الصادقة، وحمايته من المؤذيات وذلك باجتناب الآثام والمعاصي وأنواع المخالفات، فهي التي تحجب قلوبنا عن الله عز وجل وكمل قيل " الوقاية خير من العلاج " فكلنا محتاج إلى الحفاظ على الإيمان والطاعة فقال جل شأنه "وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" النور /31 وقال جل شأنه : "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا " التحريم / 8.
2- الإكثار من الاستغفار، فقد شرع في استفتاح بعض الأعمال؛ كما جاء في خطبة الحاجة قوله صلى الله عليه وسلم " نحمده ونستعينه ونستغفره".
3- الهمة العالية والعزيمة الصادقة في اغتنام هذه الأيام بما يرضي الله عز وجل وتعميرها بالطاعة، قال تعالى "فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ " محمد / 21 ، وقال تعالى "وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً " التوبة / 46.
فمن صدق الله وأحسن فيما أمر به أعانه الله، ويسر له أسباب الهداية " وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ " العنكبوت / 69.
4- العلم بما لابد منه من العبادات المرتبطة بهذه العشر، من أعمال الحج للحاج،  وأحكام الأضحية، والأمور التي تلزم غير الحاج.
5- استحضار أن أيام العشر مشتملة على مشروع متكامل من العبادات والقربات لا يقع في غيرها، سرعان ما تنقضي فلا يفوتك خيرها فتندم ساعة لا ينفع الندم.

فضل الأيام العشر من ذي الحجة: 

قد أقسم الله بها في كتابه الكريم تنويهًا بشرفها وعظم فضلها فقال سبحانه " وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ" (3) قال ابن كثير رحمه الله  " والليالي العشر المراد بها عشر ذي الحجة كما قال ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وغير واحد من السلف والخلف" (4)
وقال تعالى "وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ " الحج / 28.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: الأيام المعلومات الأيام العشر (5).
وشهد النبي صلى الله عليه وسلم بأنها أعظم أيام الدنيا فقال : " أفضل أيام الدنيا أيام العشر من ذي الحجة" (6) . وأخبر بأن العمل الصالح فيها أفضل منه في غيرها كما جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام " -يعني أيام العشر- قالوا يا رسول الله : ولا الجهاد في سبيل الله ! قال " ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء". (7)
والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتي ذلك في غيره. قاله الحافظ ابن حجر في الفتح (8).

أنواع العمل في هذه العشر

أولاً: الأعمال الصالحة عمومًا: 

من أعظم ما يتقرب به إلى الله المحافظة على أداء الواجبات وأدائها على الوجه المطلوب شرعًا، وهي أولى ما يشتغل به العبد قبل الاستكثار من النوافل ففي الحديث القدسي " وما تقرب إلى عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه. وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ...... الحديث (9).
فالمراد من التقرب بالنوافل أن تقع ممن أدى الفرائض لا من أخل بها كما قال الأكابر " من شغله الفرض عن النفل فهو معذور، ومن شغله النفل عن الفرض فهو مغرور". قاله ابن حجر في الفتح (10).
فالكيس الفطن الذي يحرص على عمارة وقته بطاعة الله تعالى من الصلاة وقراءة القرآن والدعاء والصدقة وبر الوالدين وصلة الأرحام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإحسان إلى الناس وأداء الحقوق إلى غير ذلك من طرق الخير، وأبوابه أوسع مما ذكر، فهي كثيرة لا تنحصر. فالعمل الصالح واسع شامل يضم كل ما يحبه الله جل وعلا ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة.

ثانيًا: الأعمال الصالحة التي ورد فيها النص على وزجه الخصوص 

فمن هذه الأعمال: 
1- الحج إلى بيت الله الحرام: فمن المعلوم أن هذه الأيام توافق فريضة الحج، والحج من أعظم أعمال البر، كما قال صلى الله عليه وسلم وقد سئل عن أي الأعمال أفضل؟ قال: "إيمان بالله ورسوله" قيل: ثم ماذا؟ قال: "جهاد في سبيل الله" قيل: ثم ماذا؟ قال: "حج مبرور". (11) .
فينبغي على المؤمن إن وجد سعة في ماله وصحته المبادرة بأداء هذه الفريضة العظيمة، فهي أكمل الأعمال في تلك الأيام المباركة، ولا يتراخى لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: " من أراد الحج فليستعجل فإنه قد يمرض المريض، وتضل الضالة، وتعرض الحاجة". (12) .
2- صيام هذه الأيام أو ما تيسر منها : فعن هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر: أول اثنين من الشهر والخميس". (13)
ومما ينغض على هذا الحديث ما أخرجه مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صائمًا في العشر قط" (14) وقد أجاب العلماء على هذا بعد أجوبه منها:
أ- هذا الحديث (حديث عائشة) مما يوهم كراهة صوم العشر، والمراد بالعشر هنا الأيام التسعة من أول من ذي الحجة: قالوا وهذا مما يتأول، فيس في صوم هذه التسعة كراهة، بل هي مستحبة استحبابًا شديدًا لاسيماالتاسع منها، وهو يوم عرفة. وقد جاءت الأحاديث في فضله، وثبت في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ما من أيام العمل الصالح فيها أفضل منه في هذه الأيام - يعني العشرة الأوائل من ذي الحجة" فيتأول قولها لم يصم العشر: أنه لم يصمه لعارض مرض أو سفر أو غيرهما أو انها لم تره صائمًا فيه، ولا يلزم من ذلك عدم صيامه في نفس الأمر، ويدل على هذا التأويل حديث هنيدة بن خالد، قاله النووي (15).
ب- لإحتمال أن يكون ذلك لكونه كان يترك العمل وهو يحب أن يعمله خشية أن يفرض على أمته (16).
جـ - ما ذهب إليه الإمام أحمد في صيام عشر ذي الحجة، حيث ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك حديثين:
أحدهما: حديث عائشة رضي الله عنها، وهي نافي
والثاني: حديث هنيدة بن خالد وهو مثبت.
فأخذ الإمام أحمد بحديث المثبت، وقال: إنه مثبت والمثبت مقدم على النافي كما تقرر في الأصول.
فالمثبت معه زيادة علم فتوخذ، والنافي قد ينفي الشيء لعدم علمه.
3- صيام يوم عرفة: يتأكد صيامه لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده" (17).
4- الإكثار من التحميد والتهليل والتكبير: لما ورد في حديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من أيام أعظم عند الله سبحانه ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد" (18).
وقال البخاري رحمه الله: "كان ابن عمر وأبو هريرة يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما" (19).  وقال أيضًا: " وكان عمر رضي الله عنه يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى نكبيرًا، وكان ابن عمر يكبر بمنى تلك الأيام وخلف الصلوات وعلى فراشه وفي فسطاطه ومجلسه وممشاه تلك الأيام جميعًا" (20).
فسنة إظهار التكبير المطلق من أول يوم من أيام العشر في المساجد والمنازل والطرقات والأسواق صارت من السنن المهجورة في أيامنا هذه، فعلينا نحن معاشر المسلمين بإحيائها حتى نحظى برضوان الله عز وجل، ولنعلم أن التكبير الجماعي غير مشروع وأنه خلاف السنة. وأما التكبير الخاص المقيد بأدبار الصلوات المفروضة فيبدأ من صبح يوم عرفة إلى آخر أيام منى.
5- الأضحية: وهي سنة مؤكدة في حق الموسر، بل من العلماء من قال بوجوبها، وقد حافظ عليها النبي صلى الله عليه وسلم لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من وجد سَعة لأن يحضي فلم يُضح فلا يحضر مصلانا" (21). وكان من هديه صلى الله عليه وسلم اختيار الأضحية واستحسانها وسلامتها من العيوب، ولا يباع جلدها لقوله صلى الله عليه وسلم: " من باع جلد أضحيته فلا أضحية له" (22).
6- الإمساك عن شعرك وأظافرك وجلدك:
من أراد الأضحية يحرم عليه أن يأخذ شيئًا من شعره وأظافره حتى يذبح أضحيته، لحديث النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا رأيتم هلال ذي الحجة، وأراد أحدكم أن يضحي، فليمسك عن شعره وأظفاره" (23).
وقيل الحكمة في ذلك أن يبقي كامل الأجزاء ليعتق من النار والله أعلم.
وهذا حكم خاص بالمضحي، أما المضحى عنهم فلا يتعلق بهم الحكم.

وكتبه
أبو عبد الله
فضيلة الشيخ / جمال بن محمد اسماعيل (حفظه الله تعالى)

___________________________________________________
(1) تفسير القرطبي (13 / 318)
(2) صحيح الجامع (1133)
(3) الفجر / 1 ، 2
(4) تفسير ابن كثير (4/539 - 540)
(5) تفسير ابن كثير (3/226)
(6) سبق تخريجه في هامش (2)
(7) صحيح أبو داود (2/ح 2130 / 264) والبخاري (2/ح 969 / 530 - فتح) بلفظ (ما العمل في أيام العشر أفضل من العمل في هذه، قالوا: ولا الجهاد، قال: ولا الجهاد، إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء).
(8) فتح الباري (2/534)
(9) فتح الباري (11/ ح 6502 / 348 / 349) كتاب الرقاق.
(10) فتح الباري (11/351)
(11) فتح الباري (3 / ح1519 / 446)
(12) حسنه الألباني في صحيح الجامع (2004) وصحيح ابن ماجه (2331)
(13) صحيح أبي داود 2129)
(14) صحيح مسلم (1176)
(15) ممون العبود (7 / 104)
(16) فتح الباري (2 /234)
(17) صحيح مسلم (1162)
(18) الطبراني في المعجم الكبير
(19) فتح الباري (2 /530)
(20) فتح الباري (2 / 534)
(21) حسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (1 / ح 1072 / 527)
(22) حسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (1 / ح 1073 / 527)
(23) صحيح مسلم (3 / ح 1977 / 1565)

دعاء الكروان الأسير

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحبائنا الكرام
نقدم لكم اليوم تحفة لغوية نادرة من تراث فضيلة الشيخ العلامة / محمد عبد الحكيم القاضي (الروض الممنوع) حفظه الله تعالى. وهي قصيدة أسماها (دُعَاءُ الْكَرَوَانِ الْأَسِيرِ)، وكتب هذه القصيدة في سجن القلعة عام 1981 الميلادي


نسأل الله العافية والثبات على الحق



ـ 1 ـ
يَا دَيْمَةَ(1) الْعَصْرِ، بِالسُّقْيَا تُحْيِينَا                    وَنَسْمَةَ الفَجْرِ، باللُّقْيَا تُمنِّينَا


وَنَجْمَةَ السَّحَرِ المُلْتَاعِ، يَغْسِلُهَا                  فِي مُقْلَةِ الْأُفْقِ بالسَّلْوَى تُمَنِّينَا


وَيَا غَزَالَةٌ(2)، يَا غَرَّاءُ مِنْ شَفَقٍ                    لَوْ تَنْظُرِينَ إِلَى دَمْعِ الْمُحِبِّينَا


مَطُولَةٌ(3) عَيْنُ «رَيَّا» حِينَ تَرْمُقُنَا               قَتُورَةٌ(4) عَيْنُ «رَيَّا» حِينَ تُبْكِينَا


ـ 2 ـ
هَلْ سَاءَلْتَ شَفَتا «رَيَّا» بِرقَّتها                 مَسَاجِدَ الْمِصْرِ(5): أَنْ أَيْنَ المُصَلُّونَا؟


أَيْنَ الَّذِينَ رُؤُوا بِاللَّيْلِ ـ مِنْ رَهَبٍ ـ؟                    يُرَتِّلُونَ تَرْاتِيلَ، وَيَدْعُونَا


وَيَشْهَقُونَ، وَيَشْتَاقُونَ ـ مِنْ رَغَبٍ                      إِذَا تَلَوْا «آلَ عِمْرَانٍ»، وَ«يَاسِينَا»


هُمُ الَّذِينَ هُنَا، يُسْقَوْنَ مِنْ كَبَدٍ(6)                     وَيُطعَمُونَ مِنَ الشَّكْوَى بَرَاكِينَا



ـ 3 ـ
قَدْ أَبْدَلُونَا قِيَامَ اللَّيْلِ ـ يَا مِقَتِي(7)                         آلَامَ لَيْلٍ بِكَأَسِ القَهْرِ يَسْقِينَا


وَعَذَّبُونَا، أَيَا «رَيَّا»: قُيُودُهُمْ                       كَمْ كَبَّلَتْ سُوقَنا(8) حِينًا، وَأَيْدِينَا


وَنَارُهُمْ: كَمْ كَوَتْ أَبْدَانَ إِخْوَتِنَا                     وَبِالمُدَى(9) جَرَّحُوا مِنَّا الشَّرَايينَا


عُرْيَانَ كَانَ أَخِي ـ بِاللَّيْلِ ـ صَفَدٍ(10)                        فِي الْبَرْدِ يُلْقَى بِهِ فِي الْمَاءِ مِسْكِينَا


ـ 4 ـ
وَيَرْكُلُونَ ـ بِلَا لُطْفٍ، وَلَا خَجَلٍ                        مَوَاطِنَ الْمَوْتِ مِنَّا، لَوْ تُحِسِّينَا!


كَمْ صَرْخَةٍ لِأَخٍ فِي جَوْفِ شَاتيةٍ                     هَزَّتْ كَيَانَ الرُّبَا فِي لَيْلِ «كَانُونَا»


سَلِي «مُقَطَّمَ»(11)، لَا يَكْذِبُكِ، لَوْ نَطَقَتْ                          صُخُورُهُ، عَنْ ذِئَابِ اللَّيْلِ يَعْوِينَا


سَلِيهِ: مَا سَمَعَتْ أُذْنَاهُ مِنْ عَفَنٍ                          يَسُوقه ضَابِطَ التَّعْذِيبِ يَهْجُونَا(12)


ـ 5 ـ
ذُبَابَةُ السَّوْطِ(13) فَوْقَ الظَّهْرِ صَاعِقَةٌ                  تُصَبُّ في أُذْنِي مُهْلًا وَغِسْلِينَا


يُذِيبُنِي ـ يَا ابْنَةَ الْأَقْوَامِ ـ يُعْصِرُنِي                        مُوَقَّرٌ مِنْ شُيُوخِ الْقَوْمِ إِنْ دِيْنَا(14)


وَجَاءَهُ ضَابِطُ التَّعْذِيبِ، يَجْذبُهُ                       يُلْقِيهِ، يُصْلِيهِ آلَامًا وَتَحْزِْينَا



ـ 6 ـ
يُمِضُّنِي(15) ـ يَا ابْنَ الْأَقْوَامِ فِي أَلَمِي                      بِحَارُ دَمْعٍ مِنَ الْأَجْفَانِ تَجْرِينَا


يُقَطِّعُ الْقَلْبَ مِنْ أَوْتَارِهِ حَزَنًا                        هَذِي الدِّمَاءُ عَلَى الأَدْمَاءِ(16) تُؤْذِينَا


هَذِي الْمَآقي عَلَى الْقُرْآنِ مَا بَخِلَتْ                     تَبْكِّيًا فِي الدُّجَى، نَجْوَى المُنَاجِينَا


وَذَلِكَ الدَّمُ فِي الْإِسْلَامِ غَايَتُهُ                      وَاللهِ مَا ادٌّخَرَ الدُّنْيَا وَمَا صِينَا(17)



ـ 7 ـ
يَا أَيُّهَا الضَّابِطُ الْمَغْرُورُ مِنْ تَرَفٍ                       هَلَّا رَحِمْتَ إِذَا انْهَلَّتْ مَآقِينَا(18)؟


أَجِئْتَ لِلْقَلْعَةِ الْعَصْمَاءِ تَهْدِمُهَا                     وَتَحْرِقُ الْمِلَّةَ العَصْماءَ وَالدِّينَا؟


خَلِيفَةً «لِصَلَاحِ الدِّينِ» ـ تُفْسِدُهُ                        أَوْ فِتْنَةً لِرِجَالِ الْحَقِّ تُؤْذِينَا


يَا مَسْجِدًا «لِصَلَاحِ الدِّينِ» وَا أَسَفِي                     كَفَى جُورُ فَسَادِ الدِّينِ تَأْبِينَا(19)


ـ 8 ـ
مُؤَذِّنُ الْقَلْعَةِ الْعَصْمَاءِ: مَعْذِرَةً                               كَفَاكَ بِالْقَلْعَةِ الْعَصْمَاءِ تَأْذِينَا(20)


يُؤْذِي مَسَامِعَنَا التَّأْذِينُ فِي كَنَفٍ(21)                            مُهَدَّدٍ فِيهِ مَجْرَانَا وَمُرسِينا


يُؤْذِي مَسَامِعَنَا التَّأْذِينُ في كَنَفٍ                            مُضَيَّعٍ فِيهِ رُحْمَانَا وَأَهْلُونَا


زِنْزَانَتِي امْتَلَأَتْ مِنْ حُزْنِ حَاضِرِنَا                           مِنْ بَعْدِ مَا امْتَلَأَتْ مِنْ حُزْنِ مَاضِينَا


ـ 9 ـ
يَا غَادَةَ الْحَيِّ: هَلْ بَالْحَيِّ مِنْ رَجُلٍ                               مِنْ بَعْدِ مَا ذَهَبَ الْقَوْمُ الْمُحَامُونَا؟


أَتَذْكُرِينَ «البَسُوسَ» الحُرَّةُ انْطَلَقتْ                                تَسْتَنْفِرُ الْقَوْمَ إْذَ كَانُوا أَبِيِّينَا


«رَيًّا»: رَوَّاكِ دِمَاءُ الْقَلْبِ فَانْفَتِلِي                         عَنِّي إِلَى الْقَوْمِ إِنْ كَانُوا أَحَبُّونَا


قُولِي لَهُمْ: إِنَّ لِلطُّغْيَانِ أَعْمِدَةً                              تَسْتَنْزِفُ الدَّمَ مِنْ أَبْنَاءِ وَادِينَا


وَيَسْتَخِفُّونَكُمْ مَا دُمْتُمُ هَمَلاً                              بِالرَّغْبِ، بِالرَّهْبِ، إِغْوَاءً وَتَفْتِينَا



يَا قَوْمَنَا: إِنْ تَشَاءُوا تُقْتَلُوا كَمَدًا                            وَإِنْ تَشَاءُوا تَرَوا مِنْهُمْ أَفَانِينَا


دِمَاؤنَا، وَتَرَاقِينَا، وَأَعْيُنُنَا                        فِدًى لِإسْلَامِنَا: أَكْرِمْ بِهِ دِينَا!


===


معاني بعض الكلمات:

(1) الديمة: المطر يدوم أيامًا.
(2) الغزالة: المراد بها الشمس.
(3) مُطولة: من المُطْل وهو التسويف وعدم الوفاء بالوعد.
(4) قتورة: شديدة الشُّح.
(5) المصر: المدينة الكبيرة والجمع أمصار، والمواد القُطْر.
(6) الكبد: الضيق والشدة.
(7) المِقَة: الحُب، من وَمَقَ يعني أَحَبَّ.
(8) سُوق: جمع ساق وهو ما فوق القدم.
(9) المُدى: السكاكين، ومفردها ((مُدَية)).
(10) في صفد: هذا أدق في التنزيل.
(11) المُقَطَّم: جبل بجوار القلعة: وهو السجن المعروف.
(12) يهجونا: يسبنا ويشتمنا والاسم منه ((الهجاء)).
(13) ذبابة السوط: طرفة أو بقيته.
(14) إن دينا: إن استُذِل، أصلها: دانه: ذلَّه واستعبده، وكذلك دِينَ: بمعنى جوزي، ومن يوم الدين: الجزاء.
(15) يُمِضُّني: يوجعني
(16) الأدماء: الأرض.
(17) صِينا: مبني للمجهول من الفعل (صانَ).
(18) مآقينا: المآقي: أطراف العين، مفردها: مؤق ومآقي: وهو طَرْف العَيْن.
(19) التأبين: تعداد خصال الميت، والمقصود انتهاء مهمة المسجد لعدم جدواه.
(20) المصدر المسموع هنا هو الأذان، وإنما عمدتُ إلى هذا المصدر القياسي للدلالة إلى أن (التأذين) في هذا المسجد ((عمليَّةً)) و((صناعة)) لا معنىً إسلاميًّا.
(21) الكنف: الجانب.

==
حفظ الله شيخنا الكريم ، وبارك بعمره وعمله . 

معهد الصراط للعلوم الشرعية




أخي الكريم / أختي الكريمة ...
هل أنت ممن لم يدرس في الأزهر الشريف؟ أو أنك ممن لم تدرس على يد أحد المشايخ المعروفين؟ هل حاولت تكراراً ومراراً ولم تفلح بسب عدم فهمك للمواد المدروسة؟ وليس لديك الوقت الكافي للدراسة من خلال التعليم الأكاديمي؟
ننصحك أخي الكريم 

بالاطلاع على مواد البرنامج التأسيسي في معهد الصراط وهذه نبذة مختصرة عن البرنامج والمواد التي تدرسها من خلاله

البرنامج التأسيسي في الدراسات الإسلامية:


يقدِّم معهد الصراط في "مرحلته الأولى" برنامجاً تعليمياً شرعياً تأسيسياً في الدراسات الإسلامية باللغتين العربية والإنجليزية يتكون من (7) مواد، وهي:

العقيدة الإسلامية.
الأديان والفرق والمذاهب.
فقه العبادات.
فقه المعاملات والأسرة.
فقه السيرة.
النصوص المختارة من القرآن والسنة.
المهارات الشخصية والتخصصية.


بحيث تماثل هذه المواد البرامج التأسيسية التي تُقدمها الجامعات والكليات في البرامج الإعدادية قبل البدء بالبرامج الدراسية التخصصية.

مناسبة البرنامج التأسيسي:


يُنصح بدراسة مقررات هذا البرنامج لمن يلي:
من ليست لديه خلفية معرفية شرعية، ويرغب في إكمال تعليمه الشرعي، فيتعرف على الأسس العامة للعلوم الشرعية قبل الانطلاق إلى تفاصيل هذه العلوم في مراحل قادمة.
من يرغب في تركيز معلوماته الشرعية السابقة قبل التوسع.
المسلم الجديد الذي ليس له خلفية علمية شرعية كافية، سواء أراد الاستمرار في العلم الشرعي بعد هذا البرنامج، أو أراد الاقتصار عليه والاكتفاء به.
لمزيد من التفاصيل : http://www.pathway-institute.com/


النصيحة الوفية لطلاب العلوم الشرعية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن الحمد لله تعالى نحمده ، ونستعين به ونستغفره ، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله تعالى فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
أما بعد،
أحبائي الكرام ، حياكم الله تعالى.
أقدم لكم اليوم هدية غالية ، من مؤلفات شيخنا العلامة / محمد عبد الحكيم القاضي (الروض الممنوع) بارك الله بعمره.
النصيحة الوفية لطلاب العلوم الشرعية، منظومة ألفية حول العلم وطلبه وآداب الطلب وأحاسن الكتب.
(اضغط هنا للتحميل)
أسأل الله جل وعلا أن يرزقنا وإياكم الانتفاع بما فيها من فوائد.
والله تعالى من وراء القصد.

كأني أكلت ...

كتبها : فضيلة الشيخ العلامة / محمد عبد الحكيم القاضي (حفظه الله)
-----------------------------------

"صانكي يدم" عبارة تركية ترجمتها"كأني أكلت" ....


تمتم بها خير الدين كججي ... الرجل الفقير وهو يسير في سوق منطقة (فاتح) بأستانبول وهو يشاهد أحد أنواع الفاكهة اللذيذة التي يتوق إليها...



وأخرج ثمن الفاكهة من جيبه ... لكنه بدلا من أن يضعه في يد الفاكهي إذا به يضعه في كيس يجمله معه ...

ومر الرجل بجزارة ... كما نسميها في مصر ويسميها الخليجيون ملحمة ... وكان منذ فترات طويلة لم يذق طعم اللحم ...

تحسس (كججي) جيبه .. فإذا ببضعة ليرات تكفي لشراء شيء من اللحم ...

أخرجها من جيبه ونظر إليها ... ثم تمتم : (صانكي يدم) ومعناها لمن لم يقرأ أول القصة (كأني أكلت) ...
ووضعها بهدوء في الكيس الذي يصطحبه معه في سيره وتجواله ...

إن خير الدين كججي رجل فقير ... لكنه متعفف .... ثم هو ينظر إلى الباقيات أكثر من نظره إلى الذاهبات ...
ولذا كان الرجل الفقير المتعفف يكررهذه الكلمة كلما تاقت نفسه لشيء من الملذات ... ويضع ثمن هذه الملذات في كيسه ويغلقه ويعيده إلى جيبه ...

وفي صبيحة مشرقة جاء بالكيس ... وتحسسه فوجده ممتلئا بالليرات وأبعاض الليرات ...
تنفس نفسا عميقا ... ثم ذهب يعد ما بالكيس من النقود ... ثم تنفس نفسا أعمق من الأول ... قائلا: الآن حان موعدي مع ما تمنيته ...

إنه بناء مسجد صغير ولو كمفحص قطاة ... طمعا في أن يبني الله له بيتا في الجنة كما أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم ..


وشرع خير الدين أفندي فيبناء المسجد ... وكلما مر عليه نفر من قومه تعجبوا مما يصنع هذا الفقير المتعفف ...

ولكن عجبهم يزول حينما يتذكرون هذه الجملة التي يرددها خير الدين كلما تاقت نفسه لشيء ويتبعها بوضع النقود في الكيس .
.. هنا تحققوا أن جملة (كأني أكلت) ... لها معنى آخر في بطن الشاعر أعمق مما كان يدور في أذهانهم ...

ولعلمهم بالقصة وبالجملة وتردادها على لسن خير الدين ... قرروا تسمية المسجد باسم جامع (صانكي يدم) يعني مسجد (كأني أكلت) !!!!
هذه قصة حقيقية لا ريب فيها ... وليس لي فيها إلا الصياغة الأدبية ...

وهذا هو المسجد :



=

وفاة الشيخ المحدث حمدي بن عبد المجيد السلفي

إنا لله وإنا إليه راجعون :
وسقط أحد كبار من بقي من مشايخ الحديث :
محدثا .. ومحققا .. ومدققا ..

توفي يوم الخميس (18 من ذي القعدة سنة 1433) محدّث كردستان الشيخ العلامة
حمدي بن عبد المجيد السلفي، محقق التراث المعروف، إثر مرض ألم به، وذلك في منزله بسرسنك.


وُلد الشيخ رحمه الله سنة 1349، وله أعمال علمية كثيرة، ولا سيما في الحديث الشريف،..
حيث اشتغل بالتراث لأكثر من خمسين سنة.....


وألف بعض الرسائل، ونشر له مقالات في كثير من المجلات الاسلامية والسياسية باللغتين الكردية
والعربية، وتم جمع أكثر مقالاته العربية في كتاب سماه مقالات حمدي عبد لمجيد السلفي وطبع في
مكتبة الأصالة والتراث في الشارقة .
1 – الطلاق في الإسلام طبع في الموصل في مطبعة الهدف سنة 1960 .
2 – وكراس في الرد على الضابطة في الرابطة طبع في بغداد سنة 1957 .
3 – ملاحظات على رسالة الأستاذ إبراهيم النعمة في ادعائه أن الكرد إذا درسوا بلغتهم سيخرجون
من الإسلام طبع مرتين في مطبعة هاوار في دهوك .
4 – مرشد المحتار طبع في عالم الكتب في 3 مجلدات .
5 – حول نسب الشيخ عدي بن مسافر بالاشتراك مع تحسين الدوسكي طبع في مطبعة هاوار في
دهوك .
وحقق كتباً كثيرة المطبوع منها:
6 – المعجم الكبير للطبراني طبع مرتين في العراق في عشرين مجلداً وطبع مسروقاً عدة طبعات ، والآن
الطبعة الثالثة مع زيادات أخرى عثر عليها المحقق في مكتبة الأصالة والتراث في الشارقة .
7 – مسند الشاميين للطبراني طبع في مؤسسة الرسالة في ( 4 ) مجلدات .
8 – مسند الشهاب طبع في مجلدين في مؤسسة الرسالة .
9 – فتح الوهاب في تخريج أحاديث الشهاب لأحمد الغماري طبع في مجلدين في عالم الكتب في
بيروت .
10 – بغية الملتمس للعلائي طبع في عالم الكتب ثم في دار النوادر في دمشق .
11 – جامع التحصيل في أحكام المراسيل للعلائي طبع في العراق ثم في عالم الكتب والآن يطبع في
مكتبة الأصالة والتراث في الشارقة .
12 – موافقة الخبر الخبر للحافظ ابن حجر بالاشتراك مع الشيخ صبحي السامرائي طبع في مجلدين في
مكتبة الرشد .
13 – انتقاض الاعتراض للحافظ ابن حجر بالاشتراك مع الشيخ صبحي السامرائي طبع في مجلدين
في مكتبة الرشد .
14 – الأحكام الوسطى لعبد الحق الإشبيلي بالا شتراك مع الشيخ صبحي السامرائي طبع في 4
مجلدات في مكتبة الرشد .
15 – فوائد تمام لتمام الرازي طبع في مجلدين في مكتبة الرشد .
16 - خلاصة البدر المنير لابن الملقن طبع في مجلدين في مكتبة الرشد .
17 – رفع الخفا شرح ذات الشفا لمحمد بن الحاج حسن الآلاني الكردي بالاشتراك مع صابر
الزيباري طبع في مجلدين في عالم الكتب ثم سرق وطبع في إيران .
18 – اعتقاد أهل السنة والجماعة للشيخ عدي بن مسافر بالاشتراك مع تحسين الدوسكي طبع في
مكتبة الغرباء في المدينة المنورة .
19 – الأمالي المطلقة للحافظ ابن حجر المجلد الثاني طبع في المكتب الإسلامي في بيروت .
20 – نتائخ الأفكار للحافظ ابن حجر طبع منه 5 مجلدات وتحت الطبع السادس في دار ابن كثير .
21 – تذكرة الحفاظ لابن طاهر المقدسي طبع في دار الصميعي في الرياض .
22 – كتاب المجروحين لابن حبان طبع في مجلدين في دار الصميعي .
23 – الضفعاء للعقيلي طبع في أربع مجلدات في دار الصميعي .
24 – الأحاديث الطوال للطبراني طبع في آخر المجلد الخامس والعشرين من المعجم الكبير ثم طبع
منفرداً في المكتب الإسلامي .
25 – بيان الدليل على حرمة التحليل لشيخ الإسلام ابن تيمية طبع في المكتب الإسلامي .
26 – تذكرة المحتاج في تخريج أحاديث المنهاج لابن الملقن طبع في المكتب الإسلامي .
27 – الأمالي السفرية أو الحلبية لابن حجر طبع في المكتب الإسلامي .
28 – المعتبر في تخريج أحاديث المنهاج والمختصر للزركشي طبع في دار الأرقم في الكويت .
29 – الكواكب النيرات لابن الكيال الدمشقي طبع في الكويت أولاً ثم قي عالم الكتب ثم سرق في
مصر ثم طبع في مكتبة آهل الحديث في الشارقة .
30 – كتاب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لابن أبي عاصم طبع في دار المأمون في دمشق .
31 – تخريج أحاديث شرح العقائد للسيوطي طبع في دار الأقصى في الكويت .
32 – تخريج أحاديث شرح المواقف للسيوطي طبع في دار الأقصى في الكويت .
33 – الجزء الثاني من أحاديث الذهلي انتقاء الدارقطني طبع في الكويت في دار الخلفاء .
34 – ترجمة الطبراني لابن منده طبع في آخر المجلد الخامس والعشرين من المعجم .
35 – رسالة حول المعاجم الثلاثة للطبراني للصنعاني طبع في آخر الجزء الخامس والعشرين من المعجم .
36 – إيقاظ النائمين لمحمد البركوي طبع في دار الصميعي .
37 – إنقاذ الهالكين لمحمد البركوي طبع في دار الصميعي .
38 - اليمانيات المسلولة على الرافضة المخذولة لزين العابدين الكردي طبع في مطبعة خه بات في
دهوك .
39 – بيان كفر طائفة الرافضة لعبد الله الربتكي الكردي طبع في مطبعة خه بات في دهوك .
40 – النكت الشنيعة في الخلاف بين الله والشيعة لإبراهيم فصيح الحيدري طبع في مطبعة خه بات
في دهوك .
41 – نبذة من الأفكار لأحمد حيدر طبع في مطبعة خه بات في دهوك .
42 – الأجوبة العراقية للآلوسي المفسر طبع في مطبعة خه بات في دهوك .
43 – صب العذاب لمن سب الأصحاب لمحمد شكري الآلوسي طبع في مطبعة خه بات في دهوك .
44 – نو بهار للأديب أحمد الخاني طبع في بغداد .
45 – تاريخ العمادية لعباس العزاوي بالاشتراك مع عبد الكريم فندي طبع في أربيل والآن تحت الطبع
في مكتبة الأصالة والتراث في الشارقة .
46 – تاريخ ماردين بالاشتراك مع تحسين الدوسكي طبع في مطبعة هاوار والآن تحت الطبع في
مكتبة الأصالة والتراث في الشارقة .
47 – جواز الاقتطاف من المسجد والمقبرة لعبد الله بن زيد طبع في دهوك .
48 – الأمالي للمحاملي رواية ابن مهدي طبع في دار النوادر في دمشق .
49 – أمالي المحاملي رواة ابن الصلت طبع في دار النوادر في دمشق .
50 – المبشرات شرح المكفرات لعبد الله البيتوشي طبع في دار النوادر في دمشق .
51 – نسخة طالوت بن عباد طبع في دار النوادر في دمشق .
52 – عقد الجمان في تراجم علماء الكرد والمنسوبين إلى قرى ومدن كردستان بالاشتراك مع تحسيين
إبراهيم الدوسكي طبع في مكتبة الأصالة والتراث في الشارقة في ثلاث مجلدات .
53 – الجزء من الفوائد المنتقاة من مسموعات أبي علي إسماعيل بن محمد الصفار عن شيوخه طبع
في مكتبة الأصالة والتراث في الشارقة .
54 – الجزء فيه عشرة أحاديث منتقاة من عشرة الحداد انتقاء الحافظ ابن حجر طبع في مكتبة
الأصالة والتراث في الشارقة .
55 – جزء فيه أحاديث عوال وفوائد مستخرجة من أصول سماعات ابن سيد الناس طبع في مكتبة
الأصالة والتراث في الشارقة .
56 جزء فيه أربعة عشر حديثاً منتقاة من مسموعات ابن صرمة للسيواسي طبع في مكتبة الأصالة
والتراث في الشارقة .
57 – جزء فيه أحاديث أبدال وغيرها عوال صحاح من أمالي الدمياطي طبع في مكتبة الأصالة
والتراث في الشارقة .
الكتب التي تحت الطبع:
58 – اللآلي المنثورة للزركشي في مكتبة الأصالة والتراث في الشارقة .
59 – المنهل العذب الزلال للسخاوي في مكتبة الأصالة والتراث في الشارقة .
60 – زواهر الزواجر لعبد الله الربتكي في مكتبة الأصالة والتراث في الشارقة.
61 – مختصر كتاب المجروحين لمحمد بن أبي الفتح الحنبلي تحت الطبع في المكتب الإسلامي .
62 – الفوائد الحنائيات طبع في مكتبة الأصالة والتراث في الشارقة .
63 – الأربعين لأبي سعد عبد الله بن عمر القشيري تحت الطبع في دار النوادر في دمشق
64 – جزء محمد الأنصاري تحت الطبع في دار النوادر في دمشق.
65 – جزء ابن ماسي تحت الطبع في دا رالنوادر.
66 – جزء آخر لإسماعيل الصفار في دار النوادر .
67- جملة من الأحاديث الضعيفة والموضوعة لابن عبد الهادي نشر في مجلة الحكمة .
68 – معدل الصلاة لمحمد البركوي نشر في مجلة الحكمة .
69 – اسباب الاختلاف للحميدي نشر في مجلة هدي الإسلام الأردنية ثم في مجلة فه زين في دهوك .
70 – ما قرره الثقات الأثبات في ليلة النصف من شعبان لمجموعة من علماء الأزهر نشر في مجلة فه
زين في دهوك .
71 – جزء القاضي ابن الغريق بن المهتدي العباسي نشر ف مجلة فه زين في دهوك .
72 – رسالة شيخ شيوخنا في الرد على الشيخ سيدا نشر في مجلة فه زين في دهوك .
73 – غاية الاقتصاد في علم الاجتهاد لأحمد بن عبد الرحمن الكندي نشر في مجلة فه زين في دهوك .
74 – رسالة في الذب عن الإمام الأشعري نشر في مجلة فه زين في دهوك .
75 – الخادم في شرح رسالة أبي القاسم في الاستعارات نشر في مجلة المورد العراقية .
76 – المسلسلات للعلائي نشر في مجلة في مجلة فه زين في دهوك .
77 – جزء من الأمالي لولي الدين العراقي الكردي نشر في مجلة الحكمة .
78 - المحاسن الغرر لمحمد بن الحاج حسن الآلاني الكردي نشر في مجلة كاروان في أربيل .
79 – دلائل النبوة لأبي نعيم طبع في مكتبة ابن تيمية في الشارقة في ستة أجزاء .
80 – حديث أبي حامد الحضرمي تحت الطبع في مكتبة الأصالة والتراث في الشارقة أظنه طبع ولم
يصلنا بعد .
81 – تساعيات ابن العطار تحت الطبع في مكتبة الأصالة والتراث في الشارقة
82 – تفنيد أحاديث الأبدال تأليف تحت الطبع في مكتبة الأصالة والتراث في الشارقة


«اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِشَيْخِنَا المُحَدِّثِ المُحَقِقِ؛
حَمْدي بنِ عَبْدِ المَجيدِ بن إسماعيل السَلَفِي،
وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ فِى الْمَهْدِيِّينَ وَاخْلُفْهُ فِى عَقِبِهِ فِى الْغَابِرِينَ وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ وَافْسَحْ لَهُ فِى قَبْرِهِ. وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ».


.................
(منقول)

منهج ابن القيم في التعرف على الله

منهج ابن القيم في التعرف على الله 

كتبه : أحمد أبو رواش
-------------------------------
الحمد وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه ومن تبعه، وبعد:
فإن معرفة الله -عز وجل- هي أصل الدين، وركن التوحيد، وأول الواجبات؛ ومن عرف الله أحبه، وصفا له العيش. ولا تصل القلوب إلى مُناها حتى تصل إلى مولاها، ولن تصل إليه حتى تعرفه حق المعرفة.
لذا فقد اعتنى علماء أهل السنة على مر العصور بباب الأسماء والصفات، وظهرت عنايتهم بهذا الباب في جوانب، منها:
1 ـ العناية بتقعيد القواعد التي تضبط فهم هذا الباب فهمًا جيدًا على وفق الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة.
2 ـ تفنيد شبهات أهل البدع، والرد عليها ردًا قاطعًا مفحمًا.
3 ـ مخاطبة القلوب بمعاني الأسماء والصفات، وتربية النفس على التأثر بها حالًا وسلوكًا.

وهذه الجوانب ظاهرة في مصنفاتهم، وعند التأمل نجد أن جانبي التقعيد والردود قد نالا الحظ الأوفر من الاهتمام والتصنيف، وأن الجانب الأخير قلّ من يتعرض له!، مع أن هذا الجانب من المفترض أن يكون هو الغاية المقصودة من التقعيد والردود؛ وإلا فما الفائدة من أن نقعد القواعد ونردّ على المبتدعة ثم لا ننتفع بذلك في خاصة أنفسنا؟!
إن إغفال هذا الجانب من جوانب دراسة الأسماء والصفات أحدث في واقعنا فجوة كبيرة وانفصالًا مخيفًا بين العقيدة والسلوك!
لذا فلزامًا على من يدرس العقيدة أو يدرسها أن يسلك مسلكًا متوازنًا بين جانب التأصيل والرد على الشبهات،
و جانب مخاطبة القلوب وتحريكها بهذه العقيدة؛ حتى نرى هذه العقيدة حية في القلوب، مؤثرة في السلوك...

وقد كان للإمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ نصيبًا موفورًا في التركيز على هذا الجانب مع توازنه في عرض بقية الجوانب، فهو هو الذي صنّف مدارج السالكين وخاطب فيها القلوب، وعالج فيها أمراض النفوس، هو نفسه الذي صنّف في الرد على سائر طوائف المبتدعة وأتى على قواعدهم فخرّ عليهم السقف من فوقهم!
وكما قدمنا أن جانبي التقعيد والردود قد أخذا حقهما في التصنيف والتأليف عند أغلب علمائنا المتقدمين والمتأخرين فقد رأينا أن نركز على جانب التأثر بالأسماء والصفات في منهج الإمام ابن القيم
لذا فقد جمعنا في مقالتنا هذه نقولات رائقة، يتحدث فيها الإمام ابن القيم عن أسماء الله وصفاته وأفعاله بأسلوب يأسر القلوب، ويوقظ الإيمان، ويشعل المحبة...، وهذا هو الغرض المقصود من دراسة الأسماء والصفات
هذه النقولات تظهر لك عبقرية إمامنا ابن القيم في عرض العقيدة، وهدفنا من جمع هذه النقولات؛
أولًا: أن نتعلم من إمامنا المبجل كيف ندرس الأسماء والصفات، وكيف نخاطب الناس بها.
ثانيًا: لنخاطب قلوبنا ونكرر التأمل لهذه النقولات الرائقة؛ عساها أن ترقق القلوب، وتقرب من علام الغيوب. 

فهيا نرحل مع إمامنا في هذه الرحلة الماتعة الشيقة، نقرأ بأعيننا، ونتأمل بعقولنا؛ لتطمئن قلوبنا بمعرفة ربنا... 

ها هو الإمام ابن القيم يحدثنا بكلام قيم عن الطريق الذي من خلاله نصل إلى المعرفة الصحيحة بالله-عز وجلّ- يقول-رحمه الله- في الفوائد: الرب تعالى يدعو عباده في القرآن الي معرفته من طريقين:
أحدهما: النظر في مفعولاته.
والثاني: التفكر في آياته وتدبرها فتلك آياته المشهودة وهذه آياته المسموعة المعقولة فالنوع الأول كقوله: (إن في خلق السموات والارض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس...) إلي آخرها وقوله: (إن في خلق السموات والارض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب...) وهو كثير في القرآن.
والثاني كقوله: (أفلا يتدبرون القرآن...) وقوله:(أفلم يدبروا القول...) وقوله: (كتاب أنزلناه اليك مبارك ليدبروا آياته...) وهو كثير أيضا.
فأما المفعولات فأنها دالة على الأفعال،  والأفعال دالة على الصفات،  فإن المفعول يدل علي فاعل فعله،  وذلك يستلزم وجوده وقدرته ومشيئته وعلمه،  لاستحالة صدور الفعل الاختيارى من معدوم أو موجود لا قدرة له ولا حياة ولا علم ولا ارادة، ثم ما في المفعولات من التخصيصات المتنوعة دال على ارادة الفاعل، وإن فعله ليس بالطبع بحيث يكون واحدا غير متكرر وما فيها من المصالح والحكم والغايات المحمودة دال على حكمته تعالى وما فيها من النفع والاحسان والخير دال على رحمته وما فيها من البطش والأنتقام والعقوبة دال على غضبه وما فيها من الاكرام والتقريب والعناية دال على محبته وما فيها من الاهانة والابعاد والخذلان دال على بغضه ومقته وما فيها من ابتداء الشيء في غاية النقص والضعف ثم سوقه الى تمامه ونهايته دال على وقوع المعاد وما فيها من أحوال النبات والحيوان وتصرف المياه دليل على امكان المعاد وما فيها من ظهور آثار الرحمة والنعمة على خلقه دليل على صحة النبوات وما فيها من الكمالات التي لو عدمتها كانت ناقصة دليل على أن معطي تلك الكمالات أحق بها فمفعولاته من أدل شيء على صفاته وصدق ما أخبرت به رسله عنه فالمصنوعات شاهدة تصدق الآيات المسموعات منبهه علي الاستدلال بالآيات المصنوعات قال تعالى:(سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتي يتبين لهم أنه الحق) أي أن القرآن حق فاخبر انه لا بد من ان يريهم من آياته المشهودة ما يبين لهم أن آياته المتلوة حق ثم أخبر بكفاية شهادته على صحة خبره بما أقام من الدلائل والبراهين علي صدق رسوله فآياته شاهدة بصدقة وهو شاهد بصدق رسوله بآياته وهو الشاهد والمشهود له وهو الدليل والمدلول عليه فهو الدليل بنفسه على نفسه كما قال بعض العارفين كيف أطلب لدليل على من هو دليل علي كل شيء فأي دليل طلبته عليه فوجده أظهر منه ولهذا قال الرسل لقومهم: (أفي الله شك) فهو أعرف من كل معروف وأبين من كل دليل فالأشياء عرفت به في الحقيقة وان كان عرف بها في النظر والاستدلال بأفعاله وأحكامه عليه 

معنى البصيرة في أسماء الله وصفاته، 
فيقول في مدارج السالكين:  والبصيرة على ثلاث درجات من استكملها فقد استكمل البصيرة بصيرة في الأسماء والصفات وبصيرة في الأمر والنهي وبصيرة في الوعد والوعيد.
فالبصيرة في الأسماء والصفات أن لا يتأثر إيمانك بشبهة تعارض ما وصف الله به نفسه ووصفه به رسوله بل تكون الشبه المعارضة لذلك عندك بمنزلة الشبه والشكوك في وجود الله فكلاهما سواء في البلاء عند أهل البصائر

وعقد هذا أن يشهد قلبك الرب تبارك وتعالى مستويا على عرشه متكلما بأمره ونهيه بصيرا بحركات العالم علويه وسفليه وأشخاصه وذواته سميعا لأصواتهم رقيبا على ضمائرهم وأسرارهم وأمر الممالك تحت تدبيره نازل من عنده وصاعد إليه وأملاكه بين يديه تنفذ أوامره في أقطار الممالك موصوفا بصفات الكمال منعوتا بنعوت الجلال منزها عن العيوب والنقائص والمثال هو كما وصف نفسه في كتابه وفوق ما يصفه به خلقه حي لا يموت قيوم لا ينام عليم لا يخفى عليه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض بصير يرى دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء سميع يسمع ضجيج الأصوات بإختلاف اللغات على تفنن الحاجات تمت كلماته صدقا وعدلا وجلت صفاته أن تقاس بصفات خلقه شبها ومثلا وتعالت ذاته أن تشبه شيئا من الذوات أصلا ووسعت الخليقة أفعاله عدلا وحكمة ورحمة وإحسانا وفضلا له الخلق والأمر وله النعمة والفضل وله الملك والحمد وله الثناء والمجد أول ليس قبله شيء وآخر ليس بعده شيء ظاهر ليس فوقه شيء باطن ليس دونه شيء أسماؤه كلها أسماء مدح وحمد وثناء وتمجيد ولذلك كانت حسنى وصفاته كلها صفات كمال ونعوته كلها نعوت جلال وأفعاله كلها حكمة ورحمة ومصلحة وعدل كل شيء من مخلوقاته دال عليه ومرشد لمن رآه بعين البصيرة إليه لم يخلق السموات والأرض وما بينهما باطلا ولا ترك الإنسان سدى عاطلا بل خلق الخلق لقيام توحيده وعبادته وأسبغ عليهم نعمه يتوسلوا بشكرها إلى زيادة كرامته تعرف إلى عباده بأنواع التعرفات وصرف لهم الآيات ونوع لهم الدلالات ودعاهم إلى محبته من جميع الأبواب ومد بينه وبينهم من عهده أقوى الأسباب فأتم عليهم نعمه السابغة وأقام عليهم حجته البالغة أفاض عليهم النعمة وكتب على نفسه الرحمة وضمن الكتاب الذي كتبه أن رحمته تغلب غضبه...

وقال في طريق الهجرتين ـ وهو يصف حال أحد السابقين ـ: (( فإذا وضع أحدهم جنبه على مضجعه صعدت أنفاسه إلى إلهه ومولاه واجتمع همه عليه متذكرا صفاته العلى وأسماءه الحسنى ومشاهدا له في اسمائه وصفاته قد تجلت على قلبه أنوارها فانصبغ قلبه بمعرفته ومحبته فبات جسمه في فراشه يتجافى عن مضجعه وقلبه قد أوى إلى مولاه وحبيبه فآواه إليه وأسجده بين يديه خاضعا خاشعا ذليلا منكسرا من كل جهة من جهاته 
فيا لها سجدة ما أشرفها من سجدة لا يرفع رأسه منها إلى يوم اللقاء وقيل لبعض العارفين أيسجد القلب بين يدي ربه قال أي والله بسجدة لا يرفع رأسه منها إلى يوم القيامة فشتان بين قلب يبيت عند ربه قد قطع في سفره إليه بيداء الأكوان وخرق حجب الطبيعة ولم يقف عند رسم ولا سكن إلى علم حتى دخل على ربه في داره فشاهد عز سلطانه وعظمة جلاله وعلو شأنه وبهاء كماله وهو مستو على عرشه يدبر أمر عباده وتصعد إليه شؤون العباد وتعرض عليه حوائجهم وأعمالهم فيأمر فيها بما يشاء فينزل الأمر من عنده نافذا فيشاهد الملك الحق قيوما بنفسه مقيما لكل ما سواه غنيا عن كل من سواه وكل من سواه فقير إليه يسأله من في السموات والأرض كل يوم هو في شأن يغفر ذنبا ويفرج كربا ويفك عانيا وينصر ضعيفا ويجبر كسيرا ويغني فقيرا ويميت ويحيي ويسعد ويشقي ويضل ويهدي وينعم على قوم ويسلب نعمته عن آخرين ويعز أقواما ويذل آخرين ويرفع أقواما ويضع آخرين ويشهده كما أخبر عنه أعلم الخلق به وأصدقهم في خبره حيث يقول في الحديث الصحيح يمين الله ملأى لا يغيضها نفقة سحاء الليل والنهار أرأيتم ما أنفق منذ خلق الخلق فإنه لم يغض ما في يمينه وبيده الأخرى الميزان يخفض ويرفع فيشاهده 
كذلك يقسم الأرزاق ويجزل العطايا ويمن بفضله على من يشاء من عباده بيمينه وباليد الأخرى الميزان يخفض به من يشاء ويرفع به من يشاء عدلا منه وحكمة لا إله إلا هو العزيز الحكيم فيشهده وحده القيوم بأمر السموات والأرض ومن فيهن ليس له بواب فيستأذن ولا حاجب فيدخل عليه ولا وزير فيؤتى ولا ظهير فيستعان به ولا ولي من دونه فيشفع به إليه ولا نائب عنه فيعرفه حوائج عباده ولا معين له فيعاونه على قضائها أحاط سبحانه بها علما ووسعها قدرة ورحمة فلا تزيده كثرة الحاجات إلا جودا وكرما ولا يشغله منها شأن عن شأن ولا تغلطه كثرة المسائل ولا يتبرم بإلحاح الملحين لو اجتمع أول خلقه وآخرهم وإنسهم وجنهم وقاموا في صعيد واحد ثم سألوه فأعطى كلا منهم مسألته ما نقص ذلك مما عنده ذرة واحدة إلا كما ينقص المخيط البحر إذا غمس فيه ولو أن أولهم وآخرهم وإنسهم وجنهم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منهم ما زاد ذلك في ملكه شيئا ذلك بأنه الغني الجواد الماجد فعطاؤه كلام وعذابه من كلام إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ويشهده كما أخبر عنه أيضا إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفعه يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما أدركه بصره من خلقه...))


هذا ما تيسر جمعه من هذه الأزهار اليانعة التي قطفناها من بستان الإمام ابن القيم، وهي غيض من فيض هذا الإمام البحر، وإلا فثمّ درر أخرى منثورة في كتبه ـ يسر الله جمعها ـ
هذه الدرر ليست مجرد متعة ذهنية، بل هي متعلقة بأعظم ركن من أركان الإيمان، ألا وهو: الإيمان بالله سبحانه بربوبيته، وألوهيته، وأسمائه وصفاته، وكما رأيت فهي درر مختصرة الألفاظ، عميقة المعاني، سهلة العبارة، مستوحاة من مشكاة الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة، هذه الدرر لا تحتاج إلى مجرد قرأة عابرة، بل تحتاج إلى تكرار لقرأتها، وتأمل لمعانيها، وتنزيلها على الواقع؛ حتى يصل إلى القلب نفعها،؛ وحتى نتعلم من إمامنا تدريس العقيدة بأسلوب يصلح القلوب، ويزكي النفوس...


نسأل الله أن يرزقنا حبه، وحب من يحبه، وحب عمل يقربنا إلى حبه