كأني أكلت ...

كتبها : فضيلة الشيخ العلامة / محمد عبد الحكيم القاضي (حفظه الله)
-----------------------------------

"صانكي يدم" عبارة تركية ترجمتها"كأني أكلت" ....


تمتم بها خير الدين كججي ... الرجل الفقير وهو يسير في سوق منطقة (فاتح) بأستانبول وهو يشاهد أحد أنواع الفاكهة اللذيذة التي يتوق إليها...



وأخرج ثمن الفاكهة من جيبه ... لكنه بدلا من أن يضعه في يد الفاكهي إذا به يضعه في كيس يجمله معه ...

ومر الرجل بجزارة ... كما نسميها في مصر ويسميها الخليجيون ملحمة ... وكان منذ فترات طويلة لم يذق طعم اللحم ...

تحسس (كججي) جيبه .. فإذا ببضعة ليرات تكفي لشراء شيء من اللحم ...

أخرجها من جيبه ونظر إليها ... ثم تمتم : (صانكي يدم) ومعناها لمن لم يقرأ أول القصة (كأني أكلت) ...
ووضعها بهدوء في الكيس الذي يصطحبه معه في سيره وتجواله ...

إن خير الدين كججي رجل فقير ... لكنه متعفف .... ثم هو ينظر إلى الباقيات أكثر من نظره إلى الذاهبات ...
ولذا كان الرجل الفقير المتعفف يكررهذه الكلمة كلما تاقت نفسه لشيء من الملذات ... ويضع ثمن هذه الملذات في كيسه ويغلقه ويعيده إلى جيبه ...

وفي صبيحة مشرقة جاء بالكيس ... وتحسسه فوجده ممتلئا بالليرات وأبعاض الليرات ...
تنفس نفسا عميقا ... ثم ذهب يعد ما بالكيس من النقود ... ثم تنفس نفسا أعمق من الأول ... قائلا: الآن حان موعدي مع ما تمنيته ...

إنه بناء مسجد صغير ولو كمفحص قطاة ... طمعا في أن يبني الله له بيتا في الجنة كما أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم ..


وشرع خير الدين أفندي فيبناء المسجد ... وكلما مر عليه نفر من قومه تعجبوا مما يصنع هذا الفقير المتعفف ...

ولكن عجبهم يزول حينما يتذكرون هذه الجملة التي يرددها خير الدين كلما تاقت نفسه لشيء ويتبعها بوضع النقود في الكيس .
.. هنا تحققوا أن جملة (كأني أكلت) ... لها معنى آخر في بطن الشاعر أعمق مما كان يدور في أذهانهم ...

ولعلمهم بالقصة وبالجملة وتردادها على لسن خير الدين ... قرروا تسمية المسجد باسم جامع (صانكي يدم) يعني مسجد (كأني أكلت) !!!!
هذه قصة حقيقية لا ريب فيها ... وليس لي فيها إلا الصياغة الأدبية ...

وهذا هو المسجد :



=

0 التعليقات:

إرسال تعليق

تعليقك يعني لي الكثير ، فلا تبخل به !