انتبه: ! حول معنى التحيات لله والصلوات والطيبات

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

لاحظت في كثير من المواقع والمنتديات على صفحات الانترنت انتشار حديث مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم، فوجب عليّ التحذير منه. والمشكلة أننا نعجب بحلو الكلام، ولا نسعى للتحقق من صحة هذا الكلام، وهل هو منسوب فعلاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم أم لا.

وهذا القول متعلق بشرح (التحيات لله والصلوات الطيبات)، فقد انتشر على صفحات الانترنت أن معناها:
( التحيات إسم طائر في الجنة على شجرة يقال لها الطيبات بجانب نهر يقال له الصلوات فإن قلت التحيات لله والصلوات الطيبات نزل الطائر عن تلك الشجرة فانغمس في النهر ونفض ريشه على جانب النهر, فكل قطرة وقعت منه خلق الله منها ملك يستغفر لك إلى يوم القيامة).
وهذا كلام مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يجوز التحدث به، بل ويجب علينا التحذير منه.

والمعنى الصحيح لهذا الكلام هو ما ذكره فضيلة الشيخ/ ابن باز -رحمه الله-

هذه الكلمات معناها واضح، فالتحيات هي التعظيمات التي يعظم بها الرب -جل وعلا- من أنواع الثناء، من وصفه بأنه هو الخلاق، الرزاق، وصفه بأنه المستحق للعبادة، وصفه بأنه الذي يعلم الغيب، وصفه بكل ما هو من صفاته العظيمة، فهي لله خاصة، ما كان من خصائص الله فهو الله، ووصف الله بأنه إله الحق،و بأنه المعبود بالحق، وبأنه عالم الغيب، وبأنه الخلاق، وبأنه الرزاق، وما أشبه ذلك كل هذا من التحيات، وهكذا الثناء عليه بالحمد لله، وشبهها، كل ذلك من التحيات، وسماها مباركات لما فيها من الخير العظيم، كما في رواية ابن عباس: (التحيات المباركات)، وليست موجودة في حديث ابن مسعود، ولكنها في حديث ابن عباس، وهي ثابتة المباركات، فإن جميع الثناء على الله بما هو أهله كله مبارك، كله طيب، ولهذا قال "والطيبات" كلما يتقرب به إلى الله، ويثنى به عليه من صفاته العظيمة، ومن الأقوال المشروعة، والأعمال المشروعة، كله طيب، وكل قولٍ مشروع، وكل عملٍ مشروع تقدمه لله من صلاة، وصوم وصدقات، لما فيه من التقرب إلى الله، والثناء عليه، والحرص على طلب مغفرته، ورحمته، وإحسانه -سبحانه وتعالى-، فأقوالنا المشروعة، وأعمالنا المشروعة التي نتقرب بها إلى الله تسمى طيب، وتسمى طيبات، وهكذا الصلوات التي هي الخمس، والنوافل، والدعوات كلها طيبة داخلة في الصلوات، فالصلوات تشمل الصلوات الخمس تشمل النوافل تشمل أنواع الدعاء يجب أن يكون لله وحده -سبحانه وتعالى- لا يجوز أن يتقرب بشيء من الصلوات، أو الدعاء إلى لغير الله -سبحانه وتعالى- فأقوالنا وأعمالنا المشروعة طيبات وتحياتنا لله مباركات لأنها مشروعة لأنها ثناء على الله واعتراف بأنه مستحق للعبادة وبأنه أهل لكل ثناء ولكل حمد ولهذا قيل لها المباركات وقيل لها التحيات والصلوات تشمل جميع ما شرع الله من الصلوات نافلة وفرض ويدخل فيها الدعاء فإنه يسمى صلاة طلبنا من الله أن يغفر لنا وأن يرحمنا وأن ينجينا من النار كله صلاة كل أنواع الدعاء التي نتوجه بها إلى الله كلها صلاة داخلة في الصلوات أما "السلام عليك أيها النبي" معناه تطلب للنبي السلامة السلام يعني السلامة لك أيها النبي السلامة تنزل عليك من الله وتحصل لك من الله أو بركة السلام لأن السلام اسم من أسماء الله وفي معناه بركة في السلام عليك أيها النبي وما يحصل من الخير العظيم رحمة، وإحسان عليك أيها النبي، بمعنى السلام المصدق السلامة، سلم سلاماً، وسلامةً السلامة لك يا أيها النبي من كل سوء، السلامة لك من النار، ومن كل وصفٍ لا يليق، فهو مسلَّم -عليه الصلاة والسلام- من كل أخلاق ذميمة، ومن كل شر، والله وعده الخير كله والمنزلة العظيمة عنده -سبحانه وتعالى-، فندعوا له بالسلامة التي وعده الله بها؛ ليعلم الناس أنه عبد من عباد الله، ليس إلهاً يعبد مع الله، فالإله ما هو في حاجة لطلب الناس السلامة، والنبي عبد من عباد الله يحتاج إلى طلب السلامة؛ فلهذا شرع الله لنا أن نسلم عليه، وأن نسأل الله له السلامة "السلام عليك يا أيها النبي"، أو "اللهم صل على محمد، وعلى آله محمد"، تطلب له الصلاة، نطلب من الله أن يثني عليه، وأن يبين فضله، ويعلي قدره، هذه دعوات منا لنبينا -عليه الصلاة والسلام-، تدل على أنه عبدٌ من عباد الله، وأنه بشر، وأنه يحتاج إلى الدعاء، وأنه ليس بإله يعبد مع الله، وليس ممن يطلب منه حاجات العباد، بل ذلك إلى الله -سبحانه وتعالى-س "ورحمة الله وبركاته" كذالك نطلب منه الرحمة، والبركة من الله -عز وجل- وهكذا "السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين" نطلب السلامة لنا ولعباد الله الصالحين من كل سوء هذا معنى حديث الكلمات.



ونجد قصة أخرى متعلقة بلفظ (التحيات لله والصلوات والطيبات)، وهي أيضًا لا تصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، ونصها:

أن لفظ : ( التحيات ) كانت عندما عرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء ، ووصل سدرة المنتهى ، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( التحيات لله والصلوات والطيبات ، فقال الله : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، فقالت الملائكة : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين )

وهذه القصة لا تصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا سند لها، كما جاء في فتوى موقع الإسلام سؤال وجواب، والتي نصها:

الحمد لله
لا يعرف لهذه القصة أصل ولا سند ، ولم نقف لها على أثر في كتب السنة الصحيحة ، وقصة المعراج ثابتة بتفاصيلها في صحيحي البخاري ومسلم وغيرهما ، وليس فيها شيء عن مناسبة ذكر التشهد المعروف في الصلاة ، وكذلك لم يرد شيء عن هذه القصة حين عَلَّمَ النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة الكرام هذا التشهد .
فقد روى الشيخان : البخاري (6328) ومسلم (402) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ : ( كُنَّا نَقُولُ فِي الصَّلَاةِ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَى فُلَانٍ ، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ :
إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلَامُ ، فَإِذَا قَعَدَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَقُلْ : التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ . - فَإِذَا قَالَهَا أَصَابَتْ كُلَّ عَبْدٍ لِلَّهِ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ - أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مِنْ الْمَسْأَلَةِ مَا شَاءَ ) .
وغاية ما وقفنا عليه في هذه القصة :
ما تنقله بعض كتب التفسير عند قوله تعالى : ( سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ ) يّـس /58 ، فقالوا : " يشير إلى السلام الذي سلمه الله على حبيبه عليه السلام ليلة المعراج إذ قال له : " السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته " ، فقال في قبول السلام : " السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين " انتهى . انظر "روح المعاني" للآلوسي" (3/38) .
وما يذكره بعض شراح السنة عند الكلام على حديث التشهد ، ذكره بدر الدين العيني في "شرح سنن أبي داود" (4/238) ، ونقله الملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح" عن ابن الملك ، وكذلك تذكره هذه القصة في بعض كتب الفقه ، مثل حاشية "تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق" (1/121) ، وفي بعض كتب الصوفية كالقسطلاني والشعراني .
وجميع ذلك ذكر معلق غير مسند ، فلا يجوز نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، كما لا يجوز تعليمه الأولاد الصغار ، لأنه لا يعرف له أصل صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد اتفق أهل العلم على حرمة رواية الأحاديث الموضوعة إلا على سبيل التكذيب والتحذير.


والله أعلم .


فيجب علينا التحذير من هذه القصص الواهية التي نسبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وانتشرت في كثير من المواقع والمنتديات.
-------------
ملاحظة:
نشر هذه التحذيرات لن يستغرق منك دقائق معدودة، فلا تبخل بعلم رزقك الله إياه.
-------------
والله من وراء القصد

0 التعليقات:

إرسال تعليق

تعليقك يعني لي الكثير ، فلا تبخل به !