النبي صلى الله عليه وسلم مبتسما


بسم الله الرحمن الرحيم
النبي صلى الله عليه وسلم مبتسما
إعداد: فضيلة الشيخ/ محمد عبد الحكيم القاضي

في هذه المقالة المتواضعة نحاول التعرض لجانب من جوانب الحياة النبوية، قلما تعرض له الدارسون بالعناية، وقلما تناولوه بالبحث عن مضامينه التربوية، وقيمه التعليمية، باعتبار حياته صلى الله عليه وسلم كلها ميراثا تربويا لهذه الأمة، هذا الجانب هو جانب (ضحك النبي صلى الله عليه وسلم)، فلقد يصح للباحث أن يزعم أن هذا الجانب ليس مجرد (زاوية) في حياته صلوات الله عليه قصد منها الترفيه والتملح، وإنما تقود الدراسة المتأنية إلى أنه أحد شرايين التربية الإسلامية ، وعطاء من عطاءاتها المتنوعة.
البشاشة خلقه صلى الله عليه وسلم:
نعم، كانت البشاشة خلقه المميز، وطريقته المعروفة، وهو خلق لا يلصق بالقادة العظام في تاريخ البشرية، وذلك لما يعانونه من جسام الأمور، فيظهر علي ملامحهم الجد، وتبدو علي قسماتهم الصرامة، إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم-وأمره الذي بعث به ونافح عنه هو الجد الذي ليس بعده جد-قد وهب ملكة رحمانية تعينه علي مزاولة البشاشة- خلقا لا تصنعا-في كل أحواله، فهو في معمعة الحرب يري "أم أيمن" حاضنته، فيبش لها، ويبتسم في وجهها، ويقول جرير بن عبد الله البجلى:" ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت، ولا رآني إلا ضحك" وهذا هو الحارث بن جزء الزبيدى يقول:
" ما رأيت أحدًا أكثر تبسماً من رسول الله صلى الله عليه وسلم "
ومن ثمة فقد لا حظ أصحابه هذا النظام الذي انتظم حياته كلها، وهو أن الجد لا يؤدي به إلا العبوس والتقطيب، وكم من قائد أو كبير يحاول أن يصطنع العبوس، ويرسم فوق جبينه علامة الجد والخشونة إيماء بجسامة الأمور التي يعالجها، وهذا ليس دليل كمال ، وإنما هو-في حقيقته-آية علي عدم التوازن النفسي، ألا تري إلى جابر بن سمرة أحد الصحابة يصف رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله:" رأيت أطلق الناس وجها، وأحسنهم بشراً" وعائشة رضي الله عنها تقول:" كان رجلا من رجالكم، إلا أنه كان ضحاكا فلقد كان هذا الخلق لا يغيب عنه حتى مع أعدائه الذين يبغض أخلاقهم ، لأنه خلق طبيعي غير مصطنع؛ يدخل عليه الرجل من جفاة الأعراب، فيبتسم له، ويبش في وجهه، ثم يجلس فيمازحه وينبسط إليه- حسب تعبير عائشة رضي الله عنها كما في صحيح البخاري. مع أن تقويمه الحقيقي له هو أنه" بئس أخو العشيرة" وتتعجب من ذلك عائشة، وتكلمه في هذا الأمر ، فيجيبها النبي صلى الله عليه وسلم إجابة دالة علي سجية راسخة البناء في النفس النبوية المباركة، يقول لها:"يا عائشة، متي عهدتني فاحشا"
البسمة ونفسية الصديق:
والمتأمل لسياق بسمات النبي صلى الله عليه وسلم-الذي كان يسحن أن يضعها في مواضعها بحسن توفيق الله له- يظفر بنتيجة مهمة في هذا الصدد، وهي مقدار ما كانت تجلو هذه البسمات من نفسية أصحابه، فهي إحدى أوجه الترجمة الحية لقول الله تعالى:
(فبما رحمة من الله لنت لهم)
( / )
كان يبتسم إيناسا لأصحابه، وإزالة لوحشتهم في بعض المواقف التي تحتاج إلى إمام رفيق حان، يداوي لهفة الرجل-ولو بالابتسامة-ولعل في هذا الموقف شاهدا علي ذلك، إذ يروي جابر بن عبد الله أن رجلا جاءه صلى الله عليه و سلم وهو يخطب، فقال: يا رسول الله رأيت فيما يري النائم البارحة كأن عنقي ضربت، فسقط رأسي فاتبعته، ثم أعدته مكانه. فضحك النبي صلى الله عليه وسلم، وقال:
"إذا لعب الشيطان بأحدكم في منامه فلا يحدث به الناس"
إن الوحشة النفسية التي حدثت لهذا الصحابي مما رأى في منامه كانت تحتاج إلى هذا الدواء النبوي، وهو البسمة المحمدية-التي تزيل هذه الوحشة.
وابتسامة رسول الله صلى الله عليه وسلم-بالذات-جديرة بإزالة كل وحشة في نفس رجل- ليس لأنها ابتسامة القائد الحبيب الرءوف الرحيم وحسب-وإنما أيضاً لما اختصت به هذا البسمة من إشراق شعر به أصحابه، وسجلوه ونقلوه للناس، يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه:" ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان من أحسن الناس ثغرا".
أجل: كيف بابتسامة رجل يتلألأ وجهه تلألأ القمر ليلة البدر، وإذا تكلم رؤى كالنور يخرج من بين ثناياه؟ إنها البسمة الشفاء لا ريب، ولذلك استخدمها النبي صلى الله عليه وسلم تخفيفا عن أصحابه صلى الله عليه وسلم، وامتصاصا لغضبهم في أحيان كثيرة، و ها هو صلوات الله عليه يدركه أعرابي جاف وهو يمشى وعليه برد نجرانى غليظ الحاشية فيجبذه جبذة شديدة جعلت البرد تؤثر في صفحة عنقه، ثم يقول له: يا محمد، مر لي من مال الله الذي عندك ... وللقارئ هنا أن يتخيل مقدار ما كان للصحابة من غيظ وحنق لصنيع هذا الإعرابي برسول الله صلى الله عليه وسلم، وله أن يتخيل كم كان هذا الموقف يحتاج إلى تصرف موافق من رسول الله صلوات الله عليه ليلطف الجو المشحون بالتوتر، وهنا يبرز دور البسمة النبوية من الوجه المشرق الكريم، يقول أنس بن مالك- راوي الحديث:" فالتفت إليه النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ضحك ، ثم أمر له بعطاء"
قال النووي :"... وفيه كمال خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وحلمه وصفحه الجميل " وقال الحافظ ابن حجر:"... و ليتأسى به الولاه بعده في خلقه الجميل من الصفح والاغضاء والدفع بالتي هي أحسن". أرأيت لو لم تكن هذه البسمة ماذا كان يكون رد الفعل من الصحابة؟ إن مثل هذه المواقف تزيد من اليقين بقوله تعالى واصفا النبي صلى الله عليه وسلم:
(لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم)
(التوبة/ ) 
مثل هذا الملمح التربوي في اثر البسمة النبوية في نفسية أصحابه يلمحه الناظر في هذا المشهد مع خادمه أنس بن مالك، قال أنس:" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحسن الناس خلقا، فأرسلني يوما لحاجة فقلت: والله لا أذهب. وفي نفسي أن اذهب لما أمر به نبي الله صلى الله عليه وسلم. قال: فخرجت حتى أمر علي صبيان وهم يلعبون في السوق، فإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم قابض بقفاي من ورائي، فنظرت إليه- وهو يضحك- وقال: يا أنيس. اذهب حيث أمرتك.."
أن الابتسامة هذا عملية (تخفيف) مرافقه لتأديبه خادمه، وحمله علي اتباع التكليفات وعدم التهاون في أداء عمله، وهي تعني الجمع بين المتابعة والتوجيه، وبين الرفق في هذه العملية، ولا شك أن (أنسا) قد أثرت فيه هذه الابتسامة التي فوجئ بها حين التفت خلقه ينظر من الذي قبض بقفاه.. إنها أول شئ طالعة، وصاحبها اللوم الخفيف، والتوجيه الرفيق: يا أنيس. اذهب حيث أمرتك، ولا شك أنها تركت من الأثر النفسي الطيب ما جعله يختزنها في ذاكرته حتى يقصها علي الناس بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، معقبا علي ذلك بقوله:
"والله لقد خدمته سبع سنين-أو تسع سنين-ما علمت قال لشئ صنعت لم صنعته؟ ولا لشئ تركت: هلا فعلته؟"
الضحك شكر للنعمة:
وقد يتخذ (الضحك النبوي) مرمى أخر في إطار النهج التربوي ، وهو التعبير عن الشعور بالنعمة من الله تعالى، وكأنه الاستقبال الأولى والشكر المباشر لهذه النعمة، ولا شك أن السرور بالنعمة شكر مبدئي لها، ولم تكن نعمة من النعم- في حياة النبي الشخصية أجمل من براءة زوجه عائشة رضي الله عنها، والمتتبع لروايات الحادثة التي اشتهرت عند الإخباريين والمحدثين بحديث الإفك-يشعر بمدي الحزن الذي أصاب النبي صلى الله عليه وسلم من جراء تهجم هذا القبيح علي عرضه المبارك. و ها هي أم المؤمنين عائشة تروي هذا الطرف الذي تظهر فيه براءته، وما صاحبها من تعبير بالابتسام عن شكر الله علي هذه النعمة العظيمة، تقول"... حتى أنزل الله علي نبيه، وأخذه ما كان يأخذه من البرحاء عند الوحي ... فلما سرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يضحك، فكان أول كلمة تكلم بها أن قال: أبشري يا عائشة ، أما الله فقد برأك " قالت عائشة " فو الله الذي أكرمه وأنزل عليه الكتاب ما زال يضحك حتى إني لأنظر إلى نواجذه سرورا " . هذا السرور هو انشراحة الصدر للنعمة، وري الفؤاد بالفضل. والفرح لهذه النعم مشروع، يقول الله تعالى .
(قل بفضل الله وبنعمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون )
( / )
وإنما كان مشروعا، بل مطلوبا لأنه من باب الشكر الذي يقرب إلى الله، وليس من باب الفرح الذي بمعنى البطر والكبر المنهي عنه لأنه يصرف عن المنعم و إحسانه. وأمثلة هذا الفرح الذي عبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم بالضحك-كثيرة في مواقف النبي من أصحابه وما رزقهم الله من نعم ، وما فرج عنهم من غم، فقد ضحك حين قضى دين جابر ابن عبد الله، رضي الله عنهما، قال جابر في سياق القصة:"... فما تركت أحدا له علي أبي دين إلا قضيته، وفضل لي ثلاثة عشر وسقا، فذكرت له ذلك فضحك، وقال:" أنت أبا بكر وعمر فأخبرهما". إنه فرح بالنعمة وتحدث بها.
فإذا ما أتينا إلى النعم العامة التي تعم الأمة كلها وجدت فرحة أشد، وليس أدل علي ذلك من هذا المشهد الذي طبع ضمير الصحابة حين رأوه، وقد انفرجت أساريره، وهو يعاني أشد آلام المرض الذي مات فيه صلوات الله عليه بل اليوم الذي مات فيه جعلها أنس تاريخا، قال:" آخر نظرة نظرتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ كشف الستارة يوم الاثنين ". وإنما كان إشراقة وجهة وتهلله وتبسمه حين رأى أبا بكر رضي الله عنه يصلى بهم، قال الزهري عن أنس:"... حتى إذا كان يوم الاثنين، وهم صفوف في الصلاة، كشف رسول الله صلى الله عليه وسلم ستر الحجرة، فنظر إلينا وهو قائم؛ كأن وجهه ورقة مصحف، ثم تبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ضاحكاً".
قال النووي :" كأن وجهه ورقة مصحف: عبارة عن الجمال البارع وحسن البشرة وصفاء الوجه واستنارته... وسبب تبسمه صلى الله عليه وسلم فرحه بما أي من اجتماعهم علي الصلاة، واتباعهم لإمامهم وإقامتهم شريعته، واتفاق كلمتهم واجتماع قلوبهم، ولهذا استنار وجهه صلى الله عليه وسلم علي عادته إذا رأي أو سمع ما يسره يستنير وجهه"
الضحك وسيلة إيضاح:إلا أن العجب قد يأخذ البعض حين يعلمون أن ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قام- في كثير من الأحيان-بدور(وسيلة الإيضاح) بمفهومها التربوي الحديث. وذلك أنه صلى الله عليه وسلم يضحك، استدرار لسؤال أصحابه إياه : مم تضحك؟ فيجبيبهم علي هذا السؤال بما يريد أن يسديه إليهم من علم؛ قال سهل بن سعد رضي الله عنه:" كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم بالخندق فأخذ الكرزين (وهو الفأس) فحفر به، فصادف حجرا فضحك ، فقيل: ما يضحكك يا رسول الله ؟ قال:
" ضحكت من ناس يؤتي بهم من قبل المشرق في النكو ل(وهي القيود) يساقون إلى الجنة" ويعني بهم الأسري الذين يسلمون في الأسر، إلا ضحكه صلوات الله عليه هنا له أكثر من عطاء:
1-فهو مواكب لأعمال شاقة بدنيا ونفسيا : فخ\حفر الخندق حول المدينة أبان غزوة الأحزاب وما صاحبه من توتر في جو المدينة، عبر عنه القرآن نفسه بمنتهى الصدق في تصوير إذ قال : ( وإذ زاغت الأبصار ، وبلغت القلوب الحناجر ) ( / )
ومثل هذا الجو وما أضيف إليه من كبد جسدي في حفر الخندق حول المدينة كان يحتاج إلى هذه البسمة من النبي صلوات الله عليه لتخفف الأعباء، وتلطف الأجواء.
2-ثم هي-في آنيتها-جاءت مع ضربة فأس كشفت عن صعوبة في الحفر، إذ "صادف حجرا"، وهذا من شأنه أن يشعر الصحابة بمشقة الأمر، فيضيف إلى أعبائهم النفسية عبئا آخر، من هنا تكون البسمة تسلية من ناحية، وجذبا لانتباههم من واقع الحدث إلى أفق آخر.
3-وهي في الوقت نفسه شغل للفكر، وتحويل لدفة الاهتمام، ليس لمجرد ( التشاغل) وإنما هي (إحلال) حقيقي لشغل لحظي آخر، يفوت علي الشيطان اغتنام (عناء اللحظة) ليصنع بؤرة كنيبة في نفس المجاهد، بل يحول هذه (الفجوة)-التي يمكن أن تخترم من جراء العقبة التي لقيها الفأس-إلى(كوة) تضئ آفاق هذه النفس.
4-وإنما يتمثل (زيت) هذه الكوة ، الذي يضئ مصباحها، في إجابة النبي صلى الله عليه وسلم علي سؤالهم عن سبب ضحكه، وهو أنه ذكر نتيجة من نتائج النصر، وهو الأسر بل جعل هذه النتيجة مزدوجة لتعطي ثمار النصر المادي والمعنوي، النصر المادي بأسر العدو ، والنصر المعنوي يتحول هذا الكافر إلى الإسلام الذي يقوده إلى الجنة.
وللمتمثل أن يتمثل كيف يكون مقدار البشر الذي يسري في دماء المجاهدين وهم يستمعون إلى هذه الإجابة النبوية، التي كان مفتاحها (ابتسامة) شقت طريقها إلى الثغر الميمون في لحظة (عسرة).
ولنا مثال آخر لهذا النوع من الضحك، والأمثلة كثيرة، إلا أنه يلح علينا لما يحمل من عطاء جديد، فقد يضحك النبي صلى الله عليه وسلم ولا يسأله الصحب لماذا ضحك ؟ أولا ينتظر هو هذا السؤال، فيتبع ضحكه بقوله: (ألا تسألوني مم أضحك؟) إنه -إذن- الإصرار النبوي علي أن يكون هذا الضحك وسيلة إيضاح، ومنفذا مجسدا لما يريد إزجاءه إليهم من حكم وأحكام؛ قال مهيب الرومي الصحابي الجليل:
" بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد إذ ضحك. ثم قال: ألا تسألوني مم أضحك؟ قالوا: يا رسول الله ومم تضحك. ثم قال: 
"عجبت لأمر المؤمن، إن أمره كله خير؛ إن أصابته ما يحب حمد الله فكان له خير، وإن أصابه ما يكره فصبر كان له خير، وليس كل أحد أمره كله خير إلا المؤمن".
وهنا أيضا يجتمع لضحكه صلوات الله عليه جملة من المعاني التربوية-إلى جوار أنه وسيلة إيضاح حية لاستلهام السؤال -بل لطلب السؤال- الذي هو تهيئة طبيعية للذهن من أجل تلقى المعارف-فهو هنا يعطى نوعا من الإيناس والبشارة للمؤمنين علي هذه الغنيمة الميسورة، والمنحة الموفورة-التي لم تقدر لأحد إلا للمؤمن، وهي (شمول الخيرية) لكل أوقاته، ما اتسع منها وما ضاق. إن الضحك هنا استحثاث لدواعي التعلم، واستثارة لغرائز حب الاستطلاع في نفس الطالب، حتى إذا جاءه العلم أصاب نفسا مهيئة لاستقباله، وقلبا مستعدا لحفظه وفقهه. وهو لون من ألوان العطاء التربوي النبوي المبارك.
استمرار المنهج التعليمي النبوي:ولقد أدرك الصحابة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أهمية هذا المنحى التربوي، فوجدنا الكثيرين منهم يستملونه كما تلقوه من أستاذهم الكريم صلوات الله عليه، ورد ذلك عن عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وابن مسعود وغيرهم، نكتفي هنا بالإشارة إلى طريقة عبد الله بن مسعود، وهو يقص قصة آخر أهل الجنة دخولا الجنة، وقد قيل له بعد أن دخل الجنة: تمن. فيتمني ، فيقال: فإن لك ما تمنيت، وعشرة أضعاف الدنيا. فيستعظم الرجل هذا علي مقداره- وهو آخر أهل النار خروجا منها-فيقول: رب؛ أتسخر بي وأنت الملك؟ وهنا يضحك عبد الله بن مسعود، ثم يقول لأصحابه : ألا تسألوني مم أضحك؟ فقالوا: مم تضحك؟ قال: هكذا ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: "ألا تسألوني مم أضحك؟ فقال من ضحك ربي حين قال: أتستهزئ بي وأنت رب العالمين؟ فيقول: إني لا أستهزى بك ، ولكني علي ما أشاء قدير".
ونكتفي بايراده مثالا، وإنما للتعبير عما فيه من الفوائد موضع آخر، وبحسبنا أن نكون جلينا بعض (الحقائق التربوية) التي تكمن في هذا الجانب من ضحك النبي صلوات الله عليه وابتسامه، وكم من جانب من جوانب حياته ما يزال بكرا من حيث الدراسة التربوية، يحتاج إلى من يتنسم نفحاته، ويستقري آياته.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

----------------------
المصدر: منتدى طريق الحقيقة

0 التعليقات:

إرسال تعليق

تعليقك يعني لي الكثير ، فلا تبخل به !